قد ينتهي الحظ الذي ينعم به فلاديمير بوتين بعد أن انخفض الروبل إلى أقل من سنت واحد، وهو أدنى مستوى له مقابل الدولار الأميركي منذ الأيام الأولى للحرب الروسية في أوكرانيا.
إذ افتخر الرئيس الروسي الذي واجه محاولة انقلاب لفترة وجيزة في يونيو/حزيران بمرونة عملته في مواجهة العقوبات، واعتبرها نصراً إعلامياً يثبت مدى ضعف التحرّكات والعقوبات الاقتصادية الغربية.
واليوم، بعد أكثر من 500 يوم على غزو الجيش الروسي أوكرانيا، يبدو أن مُحافِظة البنك المركزي الروسي التي تحظى باحترام كبير في موسكو لم تعد قادرة على تحقيق المستحيل للرئيس الروسي.
فقد تدهور الروبل، الذي تعد إلفيرا نابيولينا مسؤولة عنه، إلى مستويات الدعم التي تؤثر على معنويات السوق، ووصل إلى 100 روبل لكل دولار أميركي، وأصبحت قيمته تساوي يوم الاثنين أقل من سنت واحد، وهي المرة الأولى التي يصل فيها إلى هذا المستوى منذ 23 مارس/آذار من العام الماضي.
وعلّق الإعلامي الحكومي الأكثر شهرة في روسيا والحليف الرئيسي لبوتين، فلاديمير سولوفيوف، الأسبوع الماضي قائلاً: "إنهم يسخرون منا". وطالب رجل الحرب نابيولينا بأن تشرح للشعب الأسباب التي أدت لخسارة العملة الروسية ما يقرب من ربع قيمتها مقابل الدولار منذ بداية هذا العام.
وانتشرت يوم الأحد صور على الإنترنت لمظاهرة رمزية محدودة نُظِّمت في غرب سيبيريا، وشوهدت لافتة على أحد المباني تعرض أقوالاً مفادها أن "بوتين أحمق ولص"، وأن سعر صرف الروبل "جنوني".
وفي غضون ذلك، أوضح البنك المركزي الروسي أن ضعف الروبل لا يمثل مخاطر على الاستقرار المالي في البلاد، لكنّه قرّر على الرغم من ذلك إيقاف مشترياته من العملات الأجنبية في السوق المحلية للفترة المتبقية من هذا العام لاستعادة الثقة في إمكانية تعافي الروبل.
قوة العملة الروسية تعزز الصورة الإعلامية لبوتين
بعد التدهور البسيط في أعقاب الغزو الذي بدأ في 24 فبراير/شباط العام الماضي، والذي شهد انخفاضاً في سعر العملة الروسية إلى مستوى قياسي بلغ 120 روبلاً للدولار، انتعش الروبل ليتداول عند مستويات مرتفعة قياسية لم تشهدها روسيا منذ عام 2015، وبلغ سعر الصرف نحو 50 روبلاً لكل دولار واحد.
ومنح هذا الانتعاش الكرملين نصراً مهماً على الصعيد الإعلامي من خلال الإشارة إلى أن الاقتصاد الروسي كان قوياً بما يكفي لتحمل كافة تحرّكات الغرب.
وقد أثار ذلك مخاوف لدى الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا، بينما ازداد قلق النقّاد الذين كانوا منزعجين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة أكثر من مساعي روسيا التوسّعية،
وعلّق المذيع على قناة فوكس نيوز (Fox News) والناقد للدعم الأميركي لأوكرانيا، تاكر كارلسون، في أبريل/نيسان الماضي قائلاً إن "قيمة الروبل أعلى بقليل مما كانت عليه عندما بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن على النقيض من ذلك، الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة يتدهور بسرعة".
اشتهرت نابيولينا بجهودها في قيادة نظامها المالي بذكاء خلال أسوأ الاضطرابات، وذلك عن طريق وضع مجموعة من ضوابط رأس المال التي أسهمت في استقرار العملة بسرعة ومنع التدفقات الجماعية إلى الخارج.
وكتبت الزميلة الأولى في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (German Institute for International and Security Affairs)، جانيس كلوغ، الأسبوع الماضي: "لقد كانت هذه السياسات المالية حلاً سريعاً إسعافياً للروبل في عام 2022، لكنها أدّت إلى نتائج عكسية على المدى الطويل".
تتكشّف علامات جديدة للضعف الاقتصادي في مرحلة حرجة من الحرب الروسية الأوكرانية، إذ يحاول الجيش الروسي الدفاع عن مساحات شاسعة من الأراضي التي استولى عليها في الأشهر الأولى من الغزو، بينما تشنّ كييف هجوماً مضاداً بدعم من معدات عسكرية غربية حديثة.
وأي خسائر مادية في ساحة المعركة كفيلة بأن تقوّض سلطة بوتين التي ضعفت بالفعل في أعقاب التحدي الذي فرضه رئيس مجموعات فاغنر (Wagner)، يفغيني بريغوزين، في يونيو/حزيران.