يعتقد الرئيس التنفيذي لشركة آي بي إم (IBM)، آرفيند كريشنا، أن قدرة الذكاء الاصطناعي على زيادة إنتاجية العامل هي الحل لمشكلة مزعجة يواجهها العديد من البلدان المتقدمة: تقلص قوة العمل.
وقال في مقابلة مع شبكة سي إن بي سي (CNBC) يوم الثلاثاء: "في كل هذه البلدان المتقدمة هناك بالفعل تراجع في التضخم السكاني. فعدد السكان ثابت أو في أسوأ الحالات آخذ في الانخفاض. إذا ألقينا نظرة على عدد الأشخاص الذين في سن العمل، سنجد أنه آخذ في الانخفاض، لذلك نحتاج إلى زيادة الإنتاجية، وإن لم يحدث ذلك، سيتراجع مستوى المعيشة. والذكاء الاصطناعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك".
وفقاً للبنك الدولي، فإن عدد السكان في سن العمل في بعض أهم اقتصادات العالم، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والصين، آخذ في الانخفاض بالفعل. كان الوضع أكثر مدعاة للتفاؤل بعض الشيء في الولايات المتحدة؛ فقد ظلت أعداد العاملين ثابتة منذ عام 2020 بعد زيادات مطردة لعقود، ومن المحتمل أن يتفاقم هذا التوجه بسبب موجة الاستقالة الكبرى.
كان كريشنا يحاول أيضاً التعامل مع سوق العمل الأميركية المحدودة للغاية التي صعّبت توظيف عدد كافٍ من الموظفين. فقد كان يرى أن الشركات لم تعد قادرة على توظيف العدد الذي تريده من الموظفين الجدد، وبالتالي يجب أن تعتاد على إنجاز المزيد بموارد أقل، أو على الأقل بالموارد نفسها التي تمتلكها حالياً.
يقول كريشنا إنه باستخدام الذكاء الاصطناعي "يمكن للشركات إنجاز العمل نفسه بعدد أقل من الموظفين، إنها فقط طبيعة الإنتاجية".
وهو مقتنع أن البشر سيعملون جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي ولن يُستعاض عنهم به. فقد قال: "دور العمالة الرقمية أو روبوتات الذكاء الاصطناعي هو التعزيز والعمل جنباً إلى جنب مع البشر لأداء المهام".
في تصريح لمجلة فورتشن في أبريل/نيسان، قدَّم كريشنا بعض الأمثلة على الكيفية التي توقَّع أن تسير بها هذه العملية. واستشهد بمثال من قسم الموارد البشرية، فقال إن آي بي إم يمكنها الآن توظيف 50 عاملاً فقط يستخدمون الذكاء الاصطناعي لأداء العمل الذي كان يتطلب سابقاً 700 موظف.
وكتب: "فرَّغ ذلك عدداً كبيراً للغاية من الأشخاص لقضاء المزيد من الوقت في تقديم خدمات مهمة تتعلق بالمواهب، مثل التوجيه المهني والدعم بالنسبة للمدراء، وهي أشياء تتطلب التفكير والإبداع، بدلاً من إنجاز الأعمال الورقية الروتينية".
يعتقد كريشنا أن الوظائف التي تتطلب أداء مهام يدوية متكررة هي أولى المهام التي ستتأثر بالذكاء الاصطناعي. فقد قال: "أعتقد أن أول الأدوار التي ستتأثر هي ما أسميه وظائف ذوي الياقات البيضاء". وفي حين أن هذا يثير شبح البطالة الجماعية وتقليص الوظائف السائد، قال كريشنا سابقاً إن الذكاء الاصطناعي سيخلق فرص عمل أكثر من تلك التي سيلغيها. وسنرى إذا ما كانت تنبؤاته ستتحقق.
قال متحدث باسم آي بي إم إن الشركة ليس لديها ما تشاركه بخلاف مقابلة كريشنا مع شبكة سي إن بي سي وتصريحه لفورتشن.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها كريشنا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف. ففي مايو/أيار، قال إن آي بي إم ستوقِف التعيين في 7,800 وظيفة تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محلها.
وفي مقابلة مع شبكة سي إن بي سي يوم الثلاثاء، قال كريشنا إن "تصريحاته حُرِّفَت قليلاً". فبدلاً من إلغاء هذه الأدوار، لن تعيد آي بي إم ببساطة شغل تلك التي تُركَت شاغرة بسبب معدل الاستنزاف السنوي العادي الذي يتراوح من 5% إلى 6%. والأهم من ذلك، سيظل العمل بهذه السياسة مستمراً مدة 5 سنوات فقط، وبعدها من المفترض استكمال عمليات التوظيف، ولكن لمجموعة من الأدوار الجديدة التي وُجِدت نتيجة للذكاء الاصطناعي.
آي بي إم من بين الشركات الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي
كانت آي بي إم من بين أوائل الجهات الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي. وقبل وقت طويل من إتاحة الذكاء الاصطناعي التوليدي للجمهور من خلال خدمات مثل روبوت الدردشة (تشات بوت) تشات جي بي تي من شركة أوبن أيه آي، أنشأت آي بي إم نظام واتسون، وهو أداة مدعومة بالتعلم الآلي وتستجيب للغة الطبيعية. ربما لم يتحقق أول ما وعد به نظام واتسون: أنه يمكن أن يساعد في مجال الرعاية الصحية والخدمات المهنية. فقد شعر العملاء في الغالب أن الأداة تقتصر على الإجابة عن الأسئلة العامة، بدلاً من إحداث ثورة في كيفية عمل الأشخاص.
لكن آي بي إم استفادت من الخبرة التي اكتسبتها من خلال تطوير واتسون ليصبح تطبيقاً شاملاً، وعدّلت نموذج أعمالها لإنشاء أدوات قائمة على الذكاء الاصطناعي لحالات استخدام محددة. لتلبية احتياجات مطوري الذكاء الاصطناعي، قدمت آي بي إم واتسون إكس أيه آي (Watsonxai)، وهي خدمة تتيح الوصول إلى نماذج لغوية كبيرة تشكل أساساً لمعظم تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.
دخلت الشركة، مثل العديد من الشركات الأخرى، إلى عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة من خلال تقديم مساعد واتسون (Watson Assistant) لمنافسة تشات جي بي تي وجوجل بارد (Bard). بالإضافة إلى ذلك، تمتلك آي بي إم أداة للذكاء الاصطناعي تسمى آي بي إم آر إكس إن (IBM RXN) للكيمياء، والتي يجري ترويجها على أنها قادرة على التنبؤ بنتائج التفاعلات الكيميائية.
أعرب كريشنا يوم الثلاثاء مجدداً عن إيمانه بأن الذكاء الاصطناعي سيُطبَّق على الصعيد العالمي، قائلاً إنه سيجعل "جميع العمليات المؤسسية أكثر إنتاجية".