المحتوى محمي
المحتوى محمي
استثمار

ما الذعر المصرفي وما علاقته بانهيار سيليكون فالي؟

تتنبأ البنوك المركزية مثل مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي الأميركي بشكل استباقي بوقوع ظاهرة الذعر المصرفي، فتتدخل مباشرة للحد من الظاهرة ومنع تحولها لأزمة مالية تضرب الاقتصاد.

بقلم


money

(مصدر الصورة: فورتشن العربية، تصميم: أسامة حرح)

الذعر المصرفي (Bank run or Bank panic) هو حالة هجرة جماعية لودائع عملاء البنك بشكل مفاجئ وفي وقت قصير، حيث تتراجع ثقة المودعين في إدارة البنك وقدرته على الوفاء بالتزاماته في صرف الفوائد على ودائعهم في حسابات التوفير وشهاداتهم الاستثمارية، ما ينذر بخطر صعوبة حصولهم على ودائعهم إذا تفاقمت أزمات البنك المالية.

ويتعرض البنك لأزمة مالية في حالات كثيرة منها ارتفاع حجم الديون المعدومة أو الديون غير المضمونة المشكوك في تحصيلها لعدم وجود ضمان لالتزام المقترض بالسداد مثل قروض الطلاب والسيارات وبطاقات الائتمان لدى البنك، أو ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي ما يترتب عليه ارتفاع أعباء الدين بأكثر من قدرة احتمال البنك، أو انهيار قيمة العملة بشكل مفاجئ، أو تعرض الاقتصاد العالمي لأزمة مالية غير متوقعة وهو ما يعرف بنظرية البجعة السوداء (Black Swan Theory).

وثمة فرق واحد بين الذعر المصرفي العادي والصامت، فالأول يكون من خلال توجه عملاء البنك بشكل جماعي وفي وقت واحد إلى فروع البنك لسحب ودائعهم ومدخراتهم التي بحيازة البنك، أما الذعر المصرفي الصامت فهو توجه جماعي في وقت واحد لسحب ودائعهم ولكن إلكترونياً عبر محافظهم المالية بتطبيق البنك الإلكتروني على الإنترنت.

وهناك 3 مراحل تنذر باقتراب ظاهرة الذعر المصرفي، الأولى أن يسحب البنك من المخصصات المالية (جزء من رأس مال البنك وصافي أرباحه) التي يحتفظ بها للطوارئ في مثل هذه الحالات للوفاء بالتزاماته نحو العملاء، وذلك وفقاً لاتفاقيات بازل التي وقعت عليها البنوك في سويسرا.

وتأتي المرحلة الثانية في حالة نفاد جميع المخصصات المالية، هنا يضطر البنك إلى السحب من الاحتياطي النقدي العام لديه مثل أن يسحب من الأموال المخصصة لتوسع البنك سواء أموال القروض أو الأموال المخصصة لزيادة رأس المال المدفوع حتى تنفد جميع السيولة المالية المتوفرة لدى البنك.

ويصل البنك للمرحلة الثالثة وهي الأخطر على الإطلاق، بأن يسحب من ودائع العملاء الطويلة الأجل التي بخزائنه لسداد التزاماته الحالية للعملاء الآخرين، وفي هذه الحالة قد يتخلف البنك عن سداد الفوائد على الودائع، وقد يتطور الأمر ويعجز أيضاً عن صرف ودائع العملاء نفسها في حالة طلب العملاء سحبها من البنك، حينها يشهر البنك إفلاسه ويقدم طلباً للمحكمة للحماية من الدائنين والحجز على أصوله وانتداب لجنة لحصر حجم الأصول وحجم الديون التي لدى البنك في الخارج أو التي على البنك نفسه لصالح العملاء والغير.

وتتنبأ البنوك المركزية مثل مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي الأميركي بشكل استباقي بوقوع ظاهرة الذعر المصرفي، فتتدخل مباشرة للحد من الظاهرة ومنع تحولها لأزمة مالية تضرب الاقتصاد، وذلك من خلال 3 وسائل: 

  1. إعلان وقف العمل لدى البنك المتعثر ومنعه من منح أي قروض إضافية لطمأنة العملاء بأن ودائعهم في أمان ولن يمسسها أحد.
  2. منح دعم مالي في صورة قروض للبنك المتعثر لسداد التزاماته ويكون الدعم إما بشكل مباشر من الحكومة ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزي أو من بنوك أخرى تابعة للدولة. 
  3. إلزام البنك بالتأمين على الودائع التي بحيازته، لحمايتها من أي أزمة مالية محتملة.

وخلال الأسبوع الماضي، أعلن بنك سيلكون فالي (Silicon Valley)، الشهير بتوسعه في إقراض شركات التكنولوجيا الناشئة واستخدام رأس المال الجريء، عن تسجيل خسائر بنحو 212 مليار دولار، بعدما تأثر بالزيادات المتتالية في أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية، حتى أصبح عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته وتخلّف عن سداد الفوائد على الودائع الادخارية التي بحيازته، لكن مع تدخل وزارة الخزانة الأميركية والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بدأ يشهد انفراجة، بعدما أعلنت المؤسسة غلق جميع حسابات سيليكون فالي لتوفير الحماية الكاملة لجميع المودعين سواء من الشركات الناشئة أو أصحاب رأس المال الجريء، وبالفعل تمكنوا مؤخراً من الدخول إلى حساباتهم.

الهزة التي ضربت سيليكون فالي أصابت بنوكاً أخرى مثل سيغنتشر (Signature Bank) الذي مُني بخسائر بقيمة 110 مليارات دولار الأسبوع الماضي وخفّضت وكالة موديز (Moody's) الأميركية تصنيفه، وبلغت خسائر بنك سيلفرغيت (Silvergate) 11.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها، كما وضعت وكالة موديز انفستورز سيرفيس (Moody's Investors Service) بنك فيرست ريبابليك بنك (First Republic Bank) و5 بنوك أخرى هي ويسترن أليانس باكورب (Western Alliance Bancorporation) وإنترست فايناشيال كورب (INTRUST Financial Corporation) ويو إم بي فايناشيال كورب (UMB Financial Corporation) وزيونس بانكورب (Zions Bancorporation) وكوميركا إنك (Comerica Incorporated)، قيد المراجعة لخفض تصنيفاتها؛ جراء ارتفاع حجم الودائع غير المؤمَّن عليها لدى هذه البنوك.


image
image