المحتوى محمي
المحتوى محمي
نفط وطاقة

الحرب الروسية تغير خريطة الطلب على الغاز في 2023

شملت توقعات وكالة الطاقة الدولية انخفاض استهلاك الغاز الطبيعي في أميركا الشمالية أكثر من 2% خلال العام الجاري، بدعم من التطوير المستمر للطاقة المتجددة تزامناً مع التراجع المحدود في الطلب على الكهرباء.

بقلم


money

(مصدر الصورة: فورتشن العربية، تصميم: أسامة حرح)

توقعت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الصادر في فبراير/شباط 2023 عن أسواق الغاز العالمية خلال الربع الأول من العام الجاري 2023، أن ينخفض طلب الدول الأوروبية على الغاز خلال عام 2023 بنسبة 3%، نظراً لانخفاض استعماله في قطاع الكهرباء بنسبة تقترب من 15%، وذلك بفضل التوسع في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة والنووية في فرنسا.

وشملت توقعات وكالة الطاقة الدولية انخفاض استهلاك الغاز الطبيعي في أميركا الشمالية أكثر من 2% خلال العام الجاري، بدعم من التطوير المستمر للطاقة المتجددة تزامناً مع التراجع المحدود في الطلب على الكهرباء.

كما يتوقع التقرير ارتفاع الطلب على الغاز لدى دول آسيا "بشكل متواضع" خلال العام الجاري، بنسبة تصل إلى 3%، بدعم من اتجاه الصين إلى إلغاء سياستها الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا.

وفي 12 أبريل/نيسان 2022، قررت الصين خفض مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال، حيث أدى ارتفاع الأسعار العالمية وعمليات الإغلاق الوبائي إلى خنق الطلب المحلي، وتراجعت الواردات في الربع الأول بنسبة 14% عن الفترة نفسها من عام 2021، وفقاً لبيانات الشحن.

التقرير يتوقع ارتفاع استهلاك الصين من الغاز الطبيعي بنسبة 7% خلال العام الجاري، بقيادة القطاع الصناعي، مدفوعاً بتعافي النشاط الاقتصادي بعد تخفيف قيود كورونا، محذراً من زيادة واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال خلال العام الجاري بنسبة 35% سنوياً إذا استمر تراجع الأسعار ونمو الاقتصاد الصيني بسرعة؛ لأنه سيؤدي إلى زيادة التنافس العالمي على شراء الغاز، ما قد يدفع الأسعار للارتفاع إلى المستويات غير المقبولة التي وصلتها في الصيف الماضي؛ فقد سجّل سعر الغاز في أوروبا عام 2021 نحو 65.16 يورو (69.13 دولاراً) لكل ميغاواط/ساعة، وبدأ في الارتفاع مطلع عام 2022، حتى قفز إلى 127.9 يورو (135.7 دولاراً) لكل ميغاواط/ساعة في جلسة تداول 24 فبراير/شباط التي تزامنت مع بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.

وفي 14 فبراير/شباط 2023، قال رئيس وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، إن قطاع النفط والغاز العالمي حقق أرباحاً تجاوزت 4 تريليونات دولار عام 2022، خلال كلمته في مؤتمر بأوسلو.

  • صادرات الغاز الطبيعي 2022

أظهرت نتائج تقرير وكالة الطاقة الدولية تَصدُّر قطر وأستراليا قائمة مصدري الغاز الطبيعي المسال عام 2022، تليهما الولايات المتحدة.

ونمت صادرات قطر من الغاز الطبيعي بنسبة 3%، وظلت الصادرات من أستراليا مستقرة على نطاق واسع عند مستويات مرتفعة على الرغم من قيود الإنتاج في بعض المناطق، كما زادت صادرات أميركا الشمالية من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 11% في عام 2022 بفضل إضافات سعة التسييل الجديدة. 

ونظراً للعقوبات الأوروبية لإرغام موسكو على وقف الحرب في أوكرانيا؛ تراجعت صادرات الغاز الروسي لدول الاتحاد الأوروبي، حيث سجلت أقل مستوى لها منذ منتصف الثمانينيات، وأسفر ذلك عن ضغوط كبيرة على الأسواق العالمية للغاز الطبيعي المُسال، وفي أوروبا بصفة خاصة.

الأثر الروسي

وقال رئيس مجموعة غازبروم الروسية، أليكسي ميلر، إن صادرات غازبروم من الغاز الطبيعي المُسال إلى خارج الدول السوفيتية السابقة انخفضت بنحو 45.5% عام 2022، وصدرت المجموعة 100.9 مليار متر مكعب من الغاز في 2022 إلى دول "أجنبية بعيدة"، مقابل 185.1 مليار متر مكعب من الغاز إلى هذه البلدان عام 2021.

وسجلت أسعار الغاز الطبيعي 90 يورو (95.5 دولاراً) لكل ميغاواط/ساعة بداية من منتصف مارس/آذار حتى يونيو/حزيران 2022، ثم أوقفت شركة غازبروم الروسية إمدادات الغاز عبر خط أنابيب يامال -بسعة تصل إلى 33 مليار متر مكعب سنوياً- إلى بولندا، بعدما رفضت الدولة الأوروبية قرار موسكو الدفع بالروبل مقابل الغاز.

وأغلقت روسيا خط أنابيب نورد ستريم1 -الناقل الرئيسي بسعة 55 مليار متر مكعب سنوياً- بداية من 11 يوليو/تموز 2022، لأعمال الصيانة تارة، ولحدوث تسرّب تارة أخرى، قبل إيقافه لأجل غير مسمى منذ نهاية أغسطس/آب 2022.

وممارسات روسيا بقطع إمدادات الغاز كانت كفيلة بأن تدفع أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية إلى الصعود لمستوى قياسي بلغ 345.7 يورو (366.8 دولاراً) لكل ميغاواط/ساعة، أو ما يعادل 99 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، في 26 أغسطس/آب، لترتفع الأسعار بأكثر من 430% منذ بداية 2022.

 

ورجّح تقرير وكالة الطاقة الدولية أن تقطع روسيا الغاز عن الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة في أعقاب تداعيات الأزمة الأوكرانية.

بيرول قال سابقاً إن روسيا، بصفتها مورداً رئيسياً للطاقة، مُنيت بانتكاسة دائمة بعدما انصرف الغرب عن نفطها وغازها بسبب الحرب في أوكرانيا، حسب تصريحات له السبت الماضي 4 مارس/آذار 2023، في مقابلة نشرتها صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.

وأكد أن صادرات موسكو من النفط والغاز انخفضت بنسبة 40% منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل عام، مضيفاً إن هذه مجرد بداية المشكلات.

النرويج تستفيد من قطع الغاز الروسي 

جنت النرويج عائدات قياسية من النفط والغاز عام 2022، بدعم من الحرب في أوكرانيا التي أسهمت في ارتفاع سعر الغاز إلى مستويات قياسية في أوروبا، وفقاً لأرقام رسمية نُشرت الاثنين 6 مارس/آذار 2023.

وحصلت النرويج على 1457 مليار كرونة (138.08 مليار دولار) من الدخل المتعلق بالمحروقات، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق، وفقاً لتقديرات معهد الإحصاء النرويجي، ويشكل هذا المبلغ ثلاثة أضعاف عائدات عام 2021 بقيمة 498 مليار كرونة (46.71 مليار دولار).

وحلت النرويج مكان روسيا بوصفها المزود الأول للغاز في أوروبا، بسبب انخفاض الإمدادات الروسية، مستفيدة من ارتفاع الأسعار التي وصلت إلى مستويات قياسية خلال الصيف.

أدت هذه العائدات الاستثنائية أحياناً إلى اتهام الدولة الاسكندنافية بـ "استغلال الحرب"، وهي تسمية ترفضها أوسلو.

بعد أن قدمت مليار يورو (1.05 مليار دولار) العام الماضي، قررت الحكومة النرويجية منح حزمة مساعدات لأوكرانيا بقيمة 75 مليار كرونة (7.17 مليارات دولار) تغطي مساعدات إنسانية وعسكرية تدفع على خمس سنوات (2023-2027)، أي 15 مليار كرونة (1.4 مليار دولار) سنوياً.

وتجمع النرويج عائدات النفط والغاز من خلال الضرائب المفروضة على شركات النفط، وحصصها المباشرة في حقول النفط والغاز والبنية التحتية والأرباح التي تدفعها شركة الطاقة العملاقة إكينور التي تمتلك 67% منها.

تجارة الطاقة ليست كبيع البصل

وتابع رئيس وكالة الطاقة الدولية إن روسيا غير قادرة على جعل آسيا تحل محل أوروبا التي كانت أكبر مستهلك للطاقة، قائلاً "إن تجارة الطاقة ليست كبيع البصل، إذا فقدت أكثر عملائك من يوم لآخر، فيتعين عليك أن تعثر على آخرين ليعوضوهم، لكنك ستحتاج إلى بنية تحتية جديدة لنقل الطاقة".

وأوضح أن بناء خطوط أنابيب من سيبيريا الغربية إلى الصين سيستغرق أعواماً، وتوقع أن يكون "دور روسيا في شؤون الطاقة العالمية أقل بكثير في المستقبل".

وأشار بيرول إلى خطأين وقعت فيهما أوروبا خلال العقود الأخيرة، الأول هو الاعتماد بشدة على دولة واحدة، والأسوأ من ذلك، الاعتماد على دولة مثل روسيا، على حد قوله. والخطأ الثاني هو أن دولاً أوروبية عدة أرادت التخلي عن الطاقة النووية، على الرغم من أنها مصدر وطني لتوليد الكهرباء.

وأوضح أن أزمة الطاقة قدمت دفعة قوية للطاقة المتجددة في أوروبا، لتضاف إلى الأسباب المناخية، حيث أدركت الحكومات جيداً أن مصادر الطاقة المتجددة تسمح أيضاً بتأمين الإمدادات والاستقلال.

الغاز الإفريقي

وأفاد التقرير بانخفاض إنتاج الغاز الطبيعي المسال في إفريقيا عام 2022 بنسبة 6%، إذ تراجعت الصادرات في نيجيريا 15%، والجزائر 13%، وأنغولا 9%. 

وواصلت صادرات الغاز الطبيعي المسال من مصر ارتفاعها بنسبة 10% في 2022، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ بكثير من العام الماضي عندما أعيدت محطة دمياط للغاز الطبيعي المسال -التي كانت معطلة سابقاً- للخدمة. 

وتتوقع مصر استقرار إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال عند نحو 7.5 ملايين طن خلال العام الجاري، بعدما حققت صادرات الغاز الطبيعي في عام 2022 نحو 8 ملايين طن بقيمة 8.4 مليارات دولار مقارنة بنحو 7 ملايين طن بقيمة 3.5 مليارات دولار في 2021، حسب تصريحات وزير البترول المصري يوم 13 فبراير/شباط الماضي، والتي أكد خلالها أن مصر شحنت خلال عام 2022 الماضي 80% من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.


image
image