المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
مالية ومصارف

الثروة الموروثة تؤثر على التغيّر المناخي فيما يعرف بـ "التلوّث الموروث"

يعتمد العديد من السلالات الثرية على الطائرات الخاصة في كثير من رحلاتها، ويطرح التقرير مثالاً عن عائلة ميلون التي نشأت ثروتها الأصلية من تأسيس بنك ميلون في عام 1869.

بقلم


money

(مصدر الصورة: ميخائيل ستارودوبوف، شاترستوك)

لا عجب أن أصحاب الثروات الهائلة لا يقدّرون النعيم الذي يعيشون فيه، وهذا واضح من نشاط السفر الجوي الخاص بهم.

فقد ارتفع استخدام الطائرات الخاصة بنسبة 20% منذ بداية جائحة كوفيد-19، وقفزت الانبعاثات الناتجة عن ذلك بأكثر من 23% وفقاً لتقرير جديد صادر عن معهد دراسات السياسات (Institute for Policy Studies) ذي الميول اليسارية ومؤسسة المليونيرات الوطنيين (Patriotic Millionaires) التي تحثّ الحكومة بشكل متواصل على زيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء، وتضم هذه المؤسسة الأثرياء الذين حصلوا على ثرواتهم من عائلاتهم، أي الذين جمعوا هذه الأموال نتيجة توارثها من جيل إلى جيل عن طريق الوصايا على سبيل المثال، ولنأخذ مسلسل ساكسيشن (Succession) مثالاً على هذه الفكرة.

وكشف التقرير أن ثروات أكثر من ربع مالكي الطائرات الخاصة "الأثرياء للغاية" (نحو 26% منهم) في العالم هي موروثة كلياً أو جزئياً، وقد حلّل التقرير بيانات مركز أبحاث ويلث-إكس (Wealth-X) المتعلّقة بالثروات الصافية النسبية لمالكي الطائرات وبيانات مستخدمي إدارة الطيران الفيدرالية (Federal Aviation Administration)، فضلاً عن معلومات عامة. وصاغت المؤلّفة المشاركة في البحث، كالينا ثومهاف، مصطلح "التلوّث الموروث" (heir pollution) لوصف الكارثة التي تُحدِثها هذه الفئة في جودة الهواء.

ويعتمد العديد من السلالات الثرية على الطائرات الخاصة في كثير من رحلاتها، ويطرح التقرير مثالاً عن عائلة ميلون التي نشأت ثروتها الأصلية من تأسيس بنك ميلون (Mellon Bank) في عام 1869.

ومن المعروف أن الطيران الخاص هو تقريباً أسوأ ما يمكن فعله من وجهة نظر بيئية، إذ أشار التقرير إلى أن الانبعاثات من الطائرات الخاصة تتجاوز 10 أضعاف الملوّثات من الطائرات التجارية لكل راكب، ويقدّر أن 1% فقط من سكّان العالم مسؤولون عن نحو نصف انبعاثات الكربون من الطائرات.

لكن يبدو أن ذلك كله غير مهم للأثرياء، إذ قالت ثومهاف وزميلها المؤلف المشارك في تقرير معهد دراسات السياسات، عمر أوكامبو، لفورتشن (Fortune): "يعتبر أصحاب الثروات الفائقة أن وقتهم ثمين للغاية وأن الانبعاثات الناتجة الهائلة لا تؤثر عليهم بالضرورة".

لكن الحقيقة هي أن الطيران الخاص هو في أغلب الأحيان إحدى الطرق المتعددة التي يلوّث بها أصحاب الثروات الفائقة كوكب الأرض، فقد كشفت دراسة أجرتها منظمة أوكسفام (Oxfam) عام 2022 عن أن الانبعاثات الناجمة سنوياً عن هذه الفئة هي في المتوسط أكثر بمليون ضعف من تلك الناجمة عن 90% من سكان الأرض. ووجدت المنظمة أيضاً أن هذه الفئة تميل إلى الاستثمار في الشركات ذات الانبعاثات الأعلى نسبياً، إذ كان حجم الانبعاثات الناتجة عن استثمارات المليارديرات سنوياً يعادل إجمالي انبعاثات الكربون من فرنسا.

وَرَثة الثروات الطائلة يستفيدون من الضرائب المنخفضة على سفرهم الجوي

ثومهاف وأوكامبو قالا إن الطائرات الخاصة التي تعد شائعة لدى أبناء السلالات الثرية "تمثّل الظلم في عالمنا الحالي، إذ تتشكّل السلالات الثرية عندما يكرّس الأثرياء مواردهم لحماية ثرواتهم وميراثهم من الضرائب، ويخفّف ذلك الالتزامات الضريبية على أصحاب الثروات الفائقة، لكنه يزيدها على بقية العالم".

وأوضح الباحثون إنه بسبب قمع العديد من مالكي الطائرات دعوات الضرائب التصاعدية، وافقت الجهات الرسمية على بند في الإصلاح الضريبي لعام 2017 يسمح لهم بشطب تكلفة الطائرات الخاصة فوراً، وفي حين أنه من المقرر أن تنتهي صلاحية هذا القرار تحديداً في عام 2027، فإنه "مجرّد مثال آخر على الآثار البيئية والاقتصادية لعدم المساواة والتفاوت".

ويدعو التقرير إلى فرض ضريبة مبيعات بنسبة 10% على جميع الطائرات الخاصة المملوكة مسبقاً وضريبة بنسبة 5% على الطائرات الجديدة، وهو ما قُدِّر أنه كان سيحقق إيرادات بقيمة 2.2 مليار دولار في عام 2022. كما يدعو إلى العديد من الإصلاحات الأخرى، مثل فرض ضريبة على وقود الطائرات الخاصة وفرض ضريبة على "الرحلات القصيرة بلا مبرّر".

ويشمل الحديث هنا الأثرياء الذين حصلوا على ثرواتهم من خلال توارثها من الأجيال السابقة، إذ شبّهت ابنة شقيق والت ديزني وعضو مؤسسة المليونيرات الوطنيين، أبيغيل ديزني، الطائرات الخاصة بأنها "سرطان" وتقول إنها أحياناً تسافر بالطائرات العامة في درجة الأعمال.

وقالت ديزني، وهي فاعلة خير تحاول منذ فترة طويلة التملّص من شِباك ثروتها الموروثة، إنها تدرك أن بعض أصحاب الثروات الفائقة يستخدمون الطائرات الخاصة بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والسلامة، وأوضحت إن بإمكانهم السفر على متن الرحلات الجوية التجارية أيضاً في درجة الأعمال مثلما تفعل هي، وأضافت: "لا أرى صعوبة في ذلك".

وهذه الآراء ليست جديدة عليها، فقد قالت في مقابلة عام 2019 إنها تبرّعت بنحو 70 مليون دولار من ثروتها الشخصية منذ أن بلغت 21 عاماً، وإنها ستدعم فرض قانون يحظر الطائرات الخاصة "لأنها تتيح لأصحابها الإفلات من بعض القوانين".

وفي حين أن السفر بوساطة الدرجة الاقتصادية في الطائرات العامة أفضل بكثير بالنسبة للأرض من الطيران في الدرجة الممتازة، فإن الأخيرة تنتج سبعة أضعاف انبعاثات الأولى، لكن ذلك ليس مبرِّراً كافياً لديزني. إذ غرّدت على حسابها على منصة تويتر في يناير/كانون الثاني الماضي إنها ستقلّل من سفرها الجوي من الأساس، وقالت: "سأُقارن من الآن فصاعداً كل رحلة جوية بمقاييس التكلفة والأثر الاجتماعي الخاص بي".

ومن غير المحتمل أن يحذو أقران ديزني حذوها في أي وقت قريب، إذ إن تعداد الطائرات الخاصة ينمو بصورة هائلة تتجاوز حدود قطاع الطيران عموماً وفقاً لتقرير معهد دراسات السياسات، فقد نما حجم الأسطول العالمي من هذه الطائرات بنسبة 133% منذ عام 2000.


الوسوم :   أثرياء العالم
image
image