المحتوى محمي
المحتوى محمي
استثمار

التأمين على الودائع في البنوك المتأزمة

البنوك التي تؤمن على ودائعها، سواء لدى جهة حكومية أو خاصة، قد تتجنب ظاهرة الذعر المصرفي حال تعرضها لأزمة مالية؛ لأن المودعين لديهم ثقة في أن أموالهم مؤمَّن عليها من قبل جهة محايدة.

بقلم


money

(مصدر الصورة: كايبرين، شاتر ستوك)

التأمين على الودائع (Deposit Insurance) هي آلية تستخدمها البنوك لحماية أموال المودعين من الخسارة في حالة تعرض البنك لأزمة مالية اضطرته للتخلف عن سداد التزاماته سواء للدائنين أو المودعين الكبار، إذ يسدد البنك مبلغ تأمين لهيئة أو شركة تأمين مستقلة عن كل مودع، تحدد قيمته وفقاً لحجم الوديعة، ويتحمل البنك قيمة التأمين كاملة كجزء من النفقات المدرجة في ميزانيته السنوية، أما العميل فيدفع رسوماً إدارية للبنك مقابل إدارة حسابه والتأمين عليه. 

وتلزم الحكومات، ممثلة في البنوك المركزية، المصارف بالتأمين على الودائع الكبيرة التي بحيازتها، وذلك إما من خلال تأسيس الحكومة لهيئة مستقلة مهمتها الإشراف على البنوك والتأكد من التزامها بالتأمين على ودائع العملاء، وإما من خلال إشراف البنك المركزي على المصارف بشكل مباشر والتأكد من أنها استعانت بشركات حكومية أو خاصة مستقلة للتأمين على ودائعها الكبيرة.

والبنوك التي تؤمن على ودائعها، سواء لدى جهة حكومية أو خاصة، قد تتجنب ظاهرة الذعر المصرفي حال تعرضها لأزمة مالية؛ لأن المودعين لديهم ثقة في أن أموالهم مؤمَّن عليها من قبل جهة محايدة، كما أن التأمين على الودائع يفيد البنوك في حالة التوسع بعمليات الائتمان، فإذا تحولت بعض القروض إلى ديون معدومة، قد لا تتعرض البنوك للإفلاس وفقدان الثقة لدى المودعين؛ نظراً لوجود ودائع لديها مؤمن عليها.

ويغطي التأمين على الودائع الحسابات الجارية وحسابات التوفير وحسابات سوق المال وشهادات الاستثمار، فيما لا يحمي أموال الأسهم أو السندات أو صناديق الاستثمار المشتركة أو أموال المعاشات وبوالص التأمين على الحياة.

وفي الولايات المتحدة تسمح شركة تأمين الودائع الفيدرالية بالتأمين على الودائع التي لا تتجاوز قيمتها 250 ألف دولار، وإذا كان العميل يمتلك أكثر من 250 ألف دولار، يمكنه هنا التأمين على حساب واحد بقيمة 250 ألف دولار، ثم تقسيم باقي المبالغ على ودائع أقل من سقف السعر المطلوب للتأمين وإيداعها في بنوك تابعة لشركة تأمين الودائع الفيدرالية، لضمان أن الودائع الأخرى مؤمن عليها أيضاً.

وساد نظام التأمين على الودائع المصرفية خلال فترة الثلاثينيات، وتحديداً في أعقاب أزمة الكساد العظيم عام 1929، حيث أغلق أكثر من 17 ألف بنك أميركي خلال الفترة بين عامي 1863 و1933، وخلال السنوات الأربع التالية للكساد العظيم تعرض 8,812 بنكاً للتعثر المالي، وتخطت خسائر المودعين 5 مليارات دولار.

وعلى الرغم من انهيارات البنوك المتتالية خلال الفترة من 1863 إلى 1929، كان الكونغرس الأميركي يرفض فرض التأمين على الودائع، لكن بعد الانهيار الكبير للنظام المصرفي عام 1932 أصبحت حماية المودعين من خسائر إفلاس البنوك أمراً حتمياً.

وتختلف آليات التأمين على الودائع لدى البنوك المتأزمة من دولة لأخرى، ففي الولايات المتحدة يتم إخضاع البنك المتعثر لسلطة الهيئة الاتحادية للتأمين على الودائع (Federal Deposit Insurance Corporation - FDIC)، والتي بدورها تفرض سيطرتها على البنك وأصوله والتزاماته سواء للدائنين أو المودعين، وتضعها تحت تصرف بنك جسري يتم تدشينه خصيصاً لإنقاذ المصرف المتأزم من الانهيار، ويتم منع البنك المُتأزم من التصرف في أي شيء من أصوله، ثم يبدأ المصرف المعبري الجديد في صرف المستحقات للدائنين والمودعين من أصول البنك المنهار، أو من خلال صفقة شراء من قبل بنك آخر له ملاءة مالية جيدة، أو عبر صفقة استحواذ من مؤسسة أخرى قادرة على سداد مستحقات الدائنين والمودعين لدى البنك المتأزم.

وثمة أمثلة أخرى للجهات المسؤولة عن إعادة هيكلة المصرف المُتعثر، ففي مصر دشّن البنك المركزي صندوق التأمين على الودائع وتطوير الجهاز المصرفي، الذي يتمتع باستقلالية وصلاحيات واسعة للرقابة على البنوك، ويسدد كل بنك اشتراكاً سنوياً مقابل العضوية في الصندوق، وكل بنك يقدم ضمانات مالية للصندوق مقابل التأمين على الودائع، وهذه الضمانات تكون كافية لحماية ودائع العملاء من الخسارة حال تعرض البنك لأزمة مالية، ويحدد مجلس إدارة الصندوق قيمة الضمانات المالية المفروضة على كل بنك حسب حجم محافظ الودائع والائتمان في كل بنك على حدة.


image
image