يسعى الاقتصاد الدائري إلى الحد من النفايات والتلوث وتعزيز استدامة المنتجات والمواد التي نستخدمها لأطول فترة ممكنة، وفي هذا السياق، قال مسؤولون تنفيذيون في مؤتمر أقامته فورتشن (Fortune) يوم الثلاثاء: إن ثلاث شركات رئيسية للسلع الاستهلاكية قد خطت خطوات ضخمة في هذا الاتجاه.
فقد سلّطت نائبة رئيس الاستدامة في شركة لوريال في الولايات المتحدة (L’Oréal USA)، نيكول سيروني، الضوء على نظام تصنيف تأثير المنتجات الجديد الذي أقرّه عملاق مستحضرات التجميل، وأوضحت سيروني في مؤتمر مبادرة فورتشن للتأثير (Fortune Impact Initiative) في أتلانتا أن شركة لوريال ستوفّر طرائق جديدة كلياً أمام المستهلكين لاستخدام منتجاتها، سواء كان ذلك بإعادة تعبئة عبوات الشامبو الفارغة أو استخدام الشامبو بشكل قطع.
أما نظام التصنيف، فإنه ينطوي على تصنيف المنتجات بعدة وسوم من A إلى E بناءً على 14 عاملاً مثل انبعاثات الكربون، والمساهمة في تحمّض المحيطات، والأثر على التنوع البيولوجي على حد قولها، وأضافت: "إنه نهج لتزويد المستهلكين بمعلومات شفافة ومسندة علمياً عن التأثير البيئي لمنتجات شركة لوريال".
واستشهدت سيروني أيضاً باستقصاء حديث للشركة مع شركة مروننغ كونسلت (Morning Consult)، وخلص الاستقصاء إلى أنّه على الرغم من أن أكثر من 80% من الأميركيين الذين شملهم الاستقصاء قالوا إنه من المهم أن تتصف الشركات بمثل هذه الشفافية بشأن منتجاتها، إلا أن أقل من نصفهم قالوا إن لديهم المعلومات التي يحتاجونها لاتخاذ قرارات شراء مرتبطة بالاستدامة.
وأضافت سيروني إن شركة لوريال تعتبر نظام التصنيف الجديد "خطوة مؤثرة فعلياً في مساعدة المستهلكين على فهم ما هو الخيار الأكثر استدامة، وما هو المنتج الأكثر تحقيقاً لمبادئ الاقتصاد الدائري، وإشراك المستهلكين وتثقيفهم حتى نشهد تغييراً حقيقياً في السلوك الاستهلاكي". أما شركة كوكا كولا (Coca-Cola)، فقد وضعت هدفاً رائداً في قطاعها بشأن استخدام العبوات القابلة لإعادة التعبئة وإعادة الاستخدام.
وقال نائب الرئيس للسياسات العامة العالمية والاستدامة في الشركة، مايكل غولتزمان: "نهدف إلى تعبئة 25% من منتجاتنا عالمياً في عبوات قابلة لإعادة التعبئة (مرتجعة) بحلول عام 2030". وأضاف غولتزمان إن جهود شركة كوكا كولا تتضمن آلات تعبئة المشروبات الأوتوماتيكية بالتوازي مع العبوات البلاستيكية والزجاجية القابلة لإعادة التعبئة، وأوضح أن لدى الشركة أساساً متيناً للانطلاق منه.
وأوضح قائلاً: "أكثر من 25% من منتجات محفظة الشركة في أكثر من 40 سوقاً حول العالم اليوم تُعبَّأ في عبوات قابلة لإعادة التعبئة، لذا فقد وضعنا خططاً فعالة لتحقيق أهدافنا التي تبدو بالفعل قابلة للتحقيق بحلول عام 2030 إذا فكّرنا بها على المستوى العالمي".
أما في في شركة تارغت (Target)، فقد قالت نائبة الرئيس الأولى لمسؤولية الشركات، أماندا نوز: "حدّدت شركة تارغت في استراتيجيتها الجديدة للاستدامة، المسماة تارغت فورورد (Target Forward)، المجالات التي يمكن أن تُحدث من خلالها تغييراً إيجابياً".
وأضافت نوز، التي تشغل أيضاً منصب رئيسة مؤسسة تارغت (Target Foundation)، قائلة: "إن أحد المبادئ الشائعة في مؤسسة تارغت بشأن الاقتصاد الدائري هو أننا نفكر بهذا النظام من منظور بيئي واجتماعي أيضاً".
وتشمل الأهداف الثلاثة لاستراتيجية تارغت فورورد تصميم علامات تجارية مستدامة والارتقاء بها، والابتكار للحد من النفايات، إلى جانب تعزيز الفرص والمساواة، وأوضحت نوز: "ندرك تماماً أهمية عقلية التصميم، التي تنطوي على تركيز التصميم على التفكير فعلياً في كيفية تصميم منتجات ممتعة وشاملة وبأسعار معقولة ولا تُنتِج نفايات". وقد أنشأت شركة تارغت دليل التصميم الدائري (Circular Design Guide) الخاص بها لتحقيق تلك الأهداف، وعلّقت نوز: "لقد دربنا أكثر من 2,000 موظف من فريقنا على ماهية التصميم من وجهة النظر الدائرية".
وإن الشراكات هي جزء أساسي أيضاً من تلك الاستراتيجية. فعلى سبيل المثال، تتعاون شركة تارغت مع شركة الاستثمار كلوزد لوب بارتنرز (Closed Loop Partners) وشركات تجزئة أخرى ضمن مبادرة بيووند ذا باغ (Beyond the Bag) التي تهدف إلى إعادة ابتكار حقائب الشراء بالتجزئة، واختارت الشركات ضمن المبادرة مجموعة من الحلول التي حصلت عليها من مسابقة لعرض أفكار مبتكرة واتفقت على تجربتها في أسواق مختلفة.
وقالت نوز إن "تطوير الحلول سيبقى قائماً ومستمراً، وإن منح القائمين على الحلول التجريبية متسعاً من الوقت للتعلم ومتابعة التطوير هو خطوة مهمة". وبالعودة إلى شركة كوكا كولا، فقد قال غولتزمان إن مبادرة الشركة بشأن التغليف مرتبطة باستراتيجيتها المسماة "عالم خال من النفايات" (World Without Waste)، والتي تتمثل ركائزها الثلاثة في التصميم المستدام وجمع النفايات والشراكات البيئية.
وأوضح قائلاً: "إن الاقتصاد الدائري مهم بالنسبة لنا لأنه السبيل لتحقيق هدفين يشكلان جزءاً من استراتيجيتنا الشاملة للمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، كما يساعدنا على مواجهة التحدي المتعلق بالحد من النفايات والحد من انبعاثات الكربون في سياق العمل المناخي".
