وقعت شركة "أكوا باور" السعودية الأسبوع الماضي اتفاقاً مع "وزارة الكهرباء" المصرية لاستثمار 1.5 مليار دولار في إنشاء أكبر محطة في الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح بسعة إنتاجية تبلغ 1.1 غيغاواط.
ليست السعودية فقط، بل ترغب قطر أيضاً بالاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة بمصر، إذ قال الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، منصور إبراهيم آل محمود بداية يونيو/حزيران الجاري إن بلاده ترغب بالاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة هناك، ولا سيما في محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي تمثّل أولوية لدى الجهاز خلال الوقت الراهن.
وفي مايو/أيار الماضي شكلت الإمارات ومصر فرق عمل؛ لصياغة تفاهمات واتفاقيات تتعلق بمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بين البلدين، وذلك خلال لقاء رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان بن أحمد الجابر.
ويبدو الاهتمام الخليجي واضحاً في الاستثمار بالطاقة المتجددة في مصر نتيجة تقاطع طموح دول مجلس التعاون الخليجي وخططها مع الطموح المصري بهذا الصدد، ما أكده رئيس الاستثمار بمجموعة "تكنولوجيات الصحراء" والشريك التنفيذي خالد شربتلي في مارس/آذار الماضي خلال مؤتمر للطاقة الشمسية في دبي، إذ تحتل الطاقة المتجددة صدارة أجندة سياسات دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، وسجلت تطبيقات الطاقة الشمسية حيزاً كبيراً من هذا الاهتمام في السعودية ومصر والإمارات وعمان والكويت وقطر.
وتمثل الطاقة المتجددة جزءاً من استراتيجية مصر لتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية ولا سيما مصادر الطاقة الجديدة، في سعيها لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، والذي أسفر عن توقيع عقود تنفيذ مشروع للربط الكهربائي مع السعودية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي يفتح آفاقاً جديدة لتصدير الكهرباء لأوروبا وآسيا، حسب وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
وتعمل مصر على دعم مشروعات الربط الإقليمي القائمة بين الأردن وليبيا والسودان، وكذلك مشروعات الربط المزمع تنفيذها مع كل من السعودية وهيئة الربط الخليجي وقبرص واليونان، في تصريح نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عن رئيسة مجلس إدارة الشركة المصرية لنقل الكهرباء، صباح محمد مشالي، ديسمبر/كانون الأول الماضي.
لماذا مصر؟
تعد مصر من الدول الجاذبة بالنسبة لمشاريع الطاقة المتجددة، فهي تتيح الأراضي للمستثمرين "بمقابل زهيد"، أو دون مقابل، حسب المدير الفني لـ "مركز الطاقة المتجددة الإقليمي وكفاءة الطاقة" خبير الطاقة المستدامة، ماجد كرم الدين محمود، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات توفر قيمة تسمح بالتصدير والمنافسة، حيث استطاعت مصر وعدة دول عربية إنتاج الكهرباء من الرياح والشمس بأسعار تعد الأرخص عالمياً.
وهي تحتل المركز الأول بالتنافسية في مجال الطاقة المتجددة جنباً إلى جنب مع المغرب والأردن، حسب المؤشر العربي لطاقة المستقبل الصادر في 2020.
وخصصت مصر نحو 7.650 ألف كيلومتر مربع من الأراضي لتنفيذ مشروعات للطاقة المتجددة، تستوعب قدرات تصل لنحو 35 غيغاواط من طاقة الرياح و55 غيغاواط من الطاقة الشمسية، إضافة إلى أن بيانات "أطلس الرياح" تشير إلى أنها تمتلك أكبر قدرات كهربائية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن إنتاجها، وتصل إلى نحو 90 غيغاواط من طاقتي الرياح والشمس.
ويفسر المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "زيلا كابيتال"، وائل زيادة، الإقبال الخليجي على الاستثمار في مصر بأن الدولة عملت منذ 2016 على برنامج إصلاح اقتصادي، وضخت استثمارات ضخمة في البنية التحتية ساهمت بحل العديد من المشاكل التي تواجه المستثمرين، معتبراً أن مصر نجحت في توفير فائض من الكهرباء، في الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية من نقص في الطاقة والسلع الأساسية.
وبلغت الاستثمارات التي ضختها مصر في مجال إنتاج الكهرباء 335 مليار جنيه (19.5 مليار دولار) خلال آخر 7 أعوام، وذلك لبناء 31 محطة إنتاج طاقة كهربائية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية ساهمت في تحقيق فائض في الكهرباء 13 ألف ميغاواط في يونيو/حزيران 2020، حسب بيانات لـ "مجلس الوزراء" المصري.
وأضاف المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "زيلا كابيتال"، وائل زيادة، إن غياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر منذ فترة طويلة ساهم في جعل الاستثمارات الموجودة بالسوق المحلية مغرية، فضلاً عن تخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والذي يعد عاملاً لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأيضاً، يُقدم قانون الاستثمار المصري الذي صدر عام 2017 العديد من الحوافز للاستثمار، والتي تتعلق بالضرائب مثل خصم على الوعاء الضريبي يصل إلى 50% من قيمة المال المستثمر، وحوافز أخرى متعلقة بأسعار الأراضي وإصدار التراخيص حسب حجم المشروع وأهميته للاقتصاد الوطني.
تحديات قطاع الطاقة المتجددة
يشير العالم المصري نائب رئيس "معهد الهندسة الجيوتقنية" بـ "جامعة هانوفر" في ألمانيا خالد عبدالرحمن إلى مجموعة تحديات تواجه مجال الطاقة المتجددة في مصر، وتشمل ضرورة الربط بين الصناعة والبحث العلمي بخصوص كيفية رفع كفاءة مشروعات الطاقة المتجددة، وتشجيع الباحثين والعاملين في مجال البحث العلمي، وذلك عن طريق تحويل مشروعات غنية وأفكار غير تقليدية، وتدريب المهندسين والفنيين العاملين في هذا المجال.
وفي ظل التحديات التي تواجهها مصر اقترح عبدالرحمن، تنظيم ورش عمل لتبادل الخبرات مع الدول الأوروبية والدول التي تستثمر في مجال الطاقة المتجددة، وتنظيم المؤتمرات العلمية والندوات، وتأسيس مركز لتعليم استخدام وتوظيف الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر.