المحتوى محمي
Al-Majarra Al-Majarra Al-Majarra
المحتوى محمي
استثمار

الاستثمار الجريء لدعم الابتكار

يظهر الابتكار محركاً أساسياً للاقتصاد، لذا، تبرز الشركات الناشئة وحلولها الابتكارية بصفتها الرهان المضمون أمام التحديات التي يواجهها العالم. 

بقلم


money

(مصدر الصورة: فورتشن العربية، تصميم: أسامة حرح)

يقول الفيلسوف اليوناني هرقليطس منذ نحو 2500 عام: "التغيير هو الأمر الثابت الوحيد"، إلا أن وتيرة التغيير التي نعاصرها اليوم لم يشهد العالم مثلها في أي عصر مضى. ووسط هذه الوتيرة المتسارعة، والاقتصاديات المتقلبة، والتحديات المناخية بالغة الصعوبة، والهزات المفاجئة على غرار جائحة كوفيد-19، يظهر الابتكار محركاً أساسياً للاقتصاد، لذا، تبرز الشركات الناشئة وحلولها الابتكارية بصفتها الرهان المضمون أمام التحديات التي يواجهها العالم. 

وقد ساهمت الشركات الناشئة بالفعل في نمو الاقتصاد العالمي، إذ حققت نحو 3 تريليونات دولار من حيث القيمة، وهو رقم مكافئ للناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد مجموعة الدول الصناعية السبع، ولكن هذا الدور الذي تساهم به الشركات الناشئة يحتاج داعماً قوياً، وهنا يظهر الدور الملح للشركات الكبرى والمستثمرين في دعم الشركات الناشئة بشكل يكون فيه الطرفان رابحَيْن؛ إذ تستفيد الشركات الكبرى من الحلول الابتكارية التي تقدمها هذه الشركات، وتستفيد الأخيرة من الدعم المالي واللوجيستي الذي ستمنحه لها الشركات المستثمرة. وقد استطاعت الشركات الناشئة، على المستوى العالمي، الحصول على تمويل بقيمة 621 مليار دولار في عام 2021 لتسجل رقماً قياسياً جديداً، وفقاً لتقرير حديث من شركة الأبحاث سي بي إنسايتس (CB Insights). 

تحتاج الشركات الكبرى اليوم إلى الاستجابة للتغيّرات المتسارعة بتسخير قوة الاستثمار الجريء لدعم الشركات الابتكارية الناشئة، إذ يمكنها إنشاء صندوق لرأس المال الجريء أو تخصيص وحدة لهذا النوع من الاستثمار لدعم شركات التكنولوجيا التي تستطيع وضع حلول فعالة للتحديات المجتمعية، فقد كان للاستثمار الجريء دور حيوي، على مدى نصف القرن الماضي، في خلق وتمويل الشركات التي كانت مصدراً أساسياً للابتكارات التحويلية من أشباه الموصلات للهواتف الذكية، وتغيير شكل قطاعات بالكامل مثل قطاع النقل والزراعة وتوصيل الطعام والإسكان وتلقي الرعاية الصحية، والتصدي لتحديات كبرى مثل التغيّر المناخي.

وهناك عدد من الشركات التي استطاعت توجيه رأس المال الجريء نحو المسار الصحيح بالتركيز على دعم التكنولوجيا المبتكرة التي تجد حلولاً لتحديات العصر الحديث، ولنأخذ شركة الهلال للمشاريع (Crescent Enterprises) مثالاً للشركات التي دمجت الابتكار ضمن ثقافتها المؤسسية، ودعمت العديد من الشركات الناشئة سواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أو مناطق جنوب آسيا والهند باعتبارها مناطق نامية تشهد صعوداً ملحوظاً في الاستثمارات، أو الشركات الناشئة العالمية التي يمكنها التأثير على المنطقة بشكل أو بآخر.

تملك شركة الهلال للمشاريع منصة متخصصة في الاستثمار الجريء وهي: منصة الهلال للمشاريع الناشئة (CE-Ventures)، إذ تستثمر في الشركات التي تحقق معدلات نمو مرتفعة في مراحل التمويل المبكرة وصولاً إلى مراحل النمو المتقدمة، وكذلك في مجموعة مختارة من صناديق رأس المال الجريء على المستوى العالمي. وتختار المنصة الشركات الناشئة التي تتواءم مع عمليات الشركة الأم بما فيها تكنولوجيا إدارة سلسلة التوريد، وتكنولوجيا الرعاية الصحية، وتكنولوجيا النقل المستدام، مع تركيزها على المجالات التكنولوجية الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وبلوك تشين.

ووصل حجم استثمارات منصة الهلال للمشاريع الناشئة في عام 2021 إلى 158 مليون دولار عبر محفظة استثمارية تضم 42 استثماراً، منها 30 استثماراً مباشراً و12 استثماراً في صناديق استثمارية، ويقول نائب الرئيس التنفيذي للهلال للمشاريع، توشار سنجافي، إن الوقت مناسب جداً للاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي شهدت رقماً قياسياً قدره 2.6 مليار دولار في تمويل رأس المال الجريء عام 2021، مشيراً إلى أن الاتجاهات والابتكارات الحالية التي تأتي بالتغييرات الجذرية تتيح فرصاً استثمارية أكبر من أي وقت مضى.

حلول الاستثمار الجريء للتحديات الحالية

حينما تنظر إلى استثمارات منصة الهلال للمشاريع الناشئة ستجدها تتنوع بين قطاع الرعاية الصحية، وتكنولوجيا الخدمات البنكية، وتكنولوجيا إدارة سلاسل التوريد، والنقل المستدام، وتكنولوجيا الغذاء، وغيرها من المجالات التي يمكنها المساهمة في وضع حلول فعالة لتحديات المجتمع.

ففي قطاع الرعاية الصحية، ووفقاً لمؤسِسة شركة المشاريع الصحية الناشئة (Emerging Health Ventures)، نينا الروال، في مقال لها على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، يساهم رأس المال الجريء في إنقاذ الأرواح من خلال تقديم خيارات علاجية جديدة للمرضى، والتنمية الاقتصادية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتوسيع نطاق المنتجات المبتكرة عبر المناطق الجغرافية المختلفة، وتحقيق مكاسب كبيرة في مجال الصحة في البلدان التي لديها قدرة محدودة على التمويل الفردي للابتكار.

لذا، تستثمر منصة الهلال للمشاريع الناشئة في شركات مثل فيزيتا (Vezeeta) في منطقة الشرق الأوسط، التي تسعى إلى رقمنة رحلة الرعاية الصحية، واستطاعت خدمة أكثر من 4 ملايين مريض في 55 مدينة في 6 بلدان، وإدراج أكثر من 20,000 مقدم رعاية صحية على منصتها، وفي شركتي إندو كويست (EndoQuest) وإكس كاث(XCath) في الولايات المتحدة الأميركية اللتين تختصان بتطوير الجيل الجديد من الروبوتات الجراحية، وفي عام 2021 استثمرت في منصة كونّكت آر إن (connectRN) الأميركية التي تربط الممرضات بفرص العمل وتوفر لهم شبكة داعمة ومزدهرة، إضافة إلى صناديق استثمارية مثل صندوق رأس المال الجريء للرعاية الصحية في فرنسا سوفينوفا بارتنرز (Sofinnova Capital).

واهتمت المنصة بالاستثمار في قطاع التكنولوجيا المالية أيضاً، فوفقاً لتقرير شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) يزداد دور الخدمات المصرفية الرقمية أهميةً، إذ وجد أن أكثر من 4 من كل 5 شركات متخصصة في الخدمات المالية تخطط لعقد شراكات مع قطاع التكنولوجيا المالية في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. لذا، نجد أن شركة الهلال للمشاريع الناشئة قد استثمرت، في عام 2021، في خمس شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، منها بوابة ترابط (Tarabut Gateway)، أول وأكبر منصة مصرفية مفتوحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويونيون باي (China Union Pay)، شركة خدمات البطاقات المصرفية الصينية الأكبر، ونيرد واليت (Nerdwallet)، المنصة الأميركية الرائدة للتمويل الشخصي والإدارة المالية ومقارنات المنتجات المالية، إلى جانب صناديق استثمارية مثل صندوق أيكونيك (ICONIQ).

الاستثمار الجريء في الأسواق النامية 

ركزت شركة الهلال للمشاريع، عبر منصتها الهلال للمشاريع الناشئة على الاستثمار في شركات ناشئة وصناديق استثمارية في الهند، وجنوب أسيا، باعتبارها منطقة تشهد نمواً صاعداً في الآونة الأخيرة. إذ يتوقع الخبراء أن تنمو سوق الأسهم الهندية أربعة أضعاف بحلول عام 2050.

وتستثمر الهلال للمشاريع الناشئة في منصات مثل فريش تو هوم (FreshToHome)، شركة هندية للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت للمنتجات البحرية واللحوم والفواكه والخضروات، ووصل عدد عملائها إلى مليوني شخص في عام 2021، إذ تبيع فريش تو هوم ما يقرب من 25,000 طن من المنتجات الطازجة سنوياً و8 ملايين لتر من الحليب الطازج، وتأتي جميعها مباشرة من المزارعين والصيادين لتصل للعميل خالية من المواد الكيميائية بنسبة 100%، وفورلينكو (Furlenco )، شركة متخصصة في خدمات تأجير الأثاث والأجهزة، وشيبروكيت (Shiprocket)، منصة خدمات الشحن والتجارة الإلكترونية التي توسعت في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2021. 

حان الوقت للشركات الكبرى لإعادة التفكير في استثماراتها لتكون أكثر ذكاءً بجعل الابتكار على رأس أولوياتها. فخلال عصر سريع التغيّر كالذي نعاصره، يصبح التعاون بين الشركات الكبرى وشركات رأس المال الجريء والشركات الناشئة أمراً بالغ الأهمية لدفع الابتكار وزيادة القدرة التنافسية وضمان الاستمرار في المستقبل. يقول الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، بدر جعفر، خلال مقال سابق منشور في فورتشن بعنوان: "تسخير قوة رأس المال الجريء للشركات": "لدى الشركات الكبرى والشركات الناشئة الكثير لتقدمه إحداها للأخرى، بما في ذلك الدعم طويل الأجل وفرصة التغيير".


image
image