المحتوى محمي
المحتوى محمي
مقابلة

السعودية تستثمر ثقافياً بالإنسان وتسعى لخلق منتج ثقافي بمكانة عالمية (إثراء نموذجاً)

المملكة العربية السعودية دولة غنية بمصادر اقتصادية مختلفة، وجاءت رؤية 2030 لتسلط الضوء على تنوع هذه المصادر؛ ومن ضمنها القطاع الثقافي.

بقلم


money

فاطمة الراشد، رئيسة الشراكات الاستراتيجية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" (مصدر الصورة: فورتشن العربية)

الاستثمار في القطاع الثقافي بمجالاته كافة يتنامى بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة في السعودية، وهو استثمار ذو مردود معنوي بالدرجة الأولى. هكذا لخّصت رئيسة الشراكات الاستراتيجية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، فاطمة الراشد، نظرتها للنهضة الثقافية الشاملة التي تشهدها السعودية، والتي تشعّبت أبعادها لتشمل ميادين ثقافية عديدة، كالفنون المختلفة والسينما وغيرها.

ولعلّ هذه النهضة تجلّت في إنشاء وزارة الثقافة، عام 2018، والهيئات التابعة لها. تقول الراشد لفورتشن العربية: "مركز إثراء هو المبادرة الأكثر طموحاً لشركة أرامكو السعودية للمسؤولية الاجتماعية، ومن أكبر المساهمين في إثراء الثقافة على مستوى السعودية، وذلك من خلال وفرة من المبادرات المحلية والعالمية والبرامج ذات المستوى العالمي التي تقدم تجارب تجمع ما بين الثقافة والابتكار والمعرفة على مدار العام". 

فورتشن: في سياق رؤية 2030، تسعى السعودية إلى تنويع مصادر اقتصادها بعيداً عن النفط. ما دور القطاع الثقافي في ذلك؟ 

الراشد: المملكة العربية السعودية دولة غنية بمصادر اقتصادية مختلفة، وجاءت رؤية 2030 لتسلط الضوء على تنوع هذه المصادر؛ ومن ضمنها القطاع الثقافي الذي هو من ضمن مقومات جودة الحياة. ويساهم قطاع الثقافة بدور مهم ومباشر في تحقيق الركائز الاستراتيجية الثلاث لرؤية المملكة 2030، والمتمثلة في بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. كما أن الرؤية تنشد تطوير اقتصادنا الوطني إلى اقتصاد المعرفة، وهو ما يأتي في صميم استراتيجية الشركات العملاقة، مثل أرامكو السعودية، التي رأت ضرورة الاستثمار في الإنسان باعتباره الاستثمار الصحيح، فهو المنتج والراعي لهذا المصدر واستدامته.

وعندما أتحدث هنا عن الاستثمار في الإنسان فإن ذلك يشمل إثراء نمط حياة الفرد بمختلف أنواع الثقافة والفنون، وإثارة الفضول نحو المعرفة والاكتشاف، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشجيع الانفتاح الثقافي ومد جسور التواصل مع ثقافات العالم المختلفة.

فورتشن: كيف ترين مكانة السعودية في هذا السياق عربياً؟ وما جاذبيتها الثقافية؟

الراشد: السعودية اليوم في مركز القيادة الثقافية على مستوى العالم العربي، فمن الملاحظ أنه منذ إطلاق رؤية 2030، تتابعت الخطوات الجادة والفعلية وبدأت تؤتي ثمارها وأصبح لدينا حراك ثقافي على مستوى عالمي، ما ألقى بظلاله الإيجابية على الدول المجاورة. 

أتحدث هنا عن هذه الريادة الثقافية العربية سواء من ناحية تبني المحتوى العربي الهادف أو من حيث تبني المواهب ودعمها وإيجاد شراكات إقليمية وعالمية. ومن المخطط له أن تكون السعودية رائداً ثقافياً إقليمياً مهماً، خاصة وأن التجربة الثقافية في السعودية متنوعة، وهي خليط من تجارب محلية وعربية وعالمية، كما أنها مصممة لتناسب الجميع من مختلف الأعمار والاهتمامات. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، استقطبت المملكة المثقفين والفنانين والمؤثرين في الحراك الثقافي العربي والعالمي، وأصبحت منصة جاذبة يتطلع قادة الثقافة إلى التواجد فيها والمساهمة في حراكها.

فورتشن: أطلقت السعودية سلة متكاملة من المبادرات التي تستهدف جعلها ملتقى ثقافياً فعلياً. أخبرينا عنها.

الراشد: من جمال رؤية 2030 أنها تُرجمت على شكل مبادرات نراها على أرض الواقع، من ذلك إنشاء وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، ولكل هيئة استراتيجية خاصة، لتعمل على المساهمة في تحقيق برنامج التحول الذي تعيشه السعودية ضمن رؤية 2030، فضلاً عن المشاريع العملاقة التي تتوزع في البلاد اليوم، مثل: بوابة الدرعية، وتطوير العلا، والقدية، ونيوم، والبحر الأحمر، وغيرها. وهذه المشاريع تحمل هوية ثقافية عميقة، وتراعي التنوع الثقافي الذي تزخر به المملكة. فلكل منطقة ثقافتها الفريدة، وموسيقاها الخاصة، وفولكلورها المحلي، وإرثها السردي، وتشكيلها العمراني، وصبغتها اللافتة التي ينهض بها مبدعوها في شتى مجالات الثقافة والفنون. 

وهذا الاعتراف بأهمية الثقافة كهوية وجزء راسخ من تشكيل المجتمع، تجاوبت معه الشركات السعودية الكبرى من المساهمين في تشكيل النسيج الاقتصادي والصناعي في المملكة. ومن هذا المنطلق، كانت مبادرة أرامكو السعودية التي أطلقتها ضمن احتفالها بمرور 75 عاماً، والتي تمثلت بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، ليصبح المركز وجهةً ثقافيةً محفزةً للمعرفة والإبداع والاستكشاف من خلال قوة الأفكار وإلهام الخيال وتحفيز الابتكار.

فورتشن: أخبرينا أكثر عن إثراء وعن أهدافه ودوره في هذا السياق؟

الراشد: افتُتح مركز إثراء للزوّار منذ عام 2018، ليصبح وجهة ثقافية وجسراً معرفياً لتبادل الخبرات، تجتمع فيه المواهب للتعلّم ومشاركة الأفكار، وتحويل هذه الأفكار إلى منتجات إبداعية. ومنذ افتتاحه، حاز على جوائز متعددة في مجالات متنوعة، مثل: المعارض الفنيّة والبرامج بالإضافة إلى هندسة البناء المعمارية. كما تم إدراج المركز كواحد من أفضل 100 وجهة للزيارة في العالم ضمن قائمة مجلة تايم الأميركية. 

ويحتوي إثراء العديد من المرافق والأقسام المختلفة التي يندر أن تجتمع بهذا التنوع تحت سقف مركز ثقافي واحد. وأصبح المركز اليوم معلماً معمارياً بارزاً في أفق مدينة الظهران، حيث يغطي المبنى ومرافقه مساحة تبلغ 80 ألف متر مربع، ويشمل مكتبة عصرية مكونة من 4 طوابق تضم أكثر من 300 ألف عنوان، فيما يتضمن برج إثراء 18 طابقاً تقدم فيها العديد من البرامج العلمية والأكاديمية، ومختبر الأفكار المكون من 3 طوابق الذي يتميز ببرامج ابتكارية وتحويل الأفكار إلى منتجات إبداعية، ومعرض الطاقة، ومتحفاً يضم 5 صالات عرض، وسينما تتسع لـ 315 مقعداً تعد أول سينما لعرض الأفلام السعودية، ومسرحاً لفنون الأداء يتسع لـ 900 مقعد، والقاعة الكبرى التي تبلغ مساحتها 1500 متر مربع، إلى جانب متحف الطفل والأرشيف.

 ويعمل إثراء ضمن خمسة مسارات وهي:

  • مسار الفن: يُعنى بتوفير مساحة فنية للفنانين والمبدعين، وتوسيع الآفاق الثقافية من خلال تقديم تجارب عالمية، ورعاية أصحاب المواهب ورفع خبراتهم ودعمهم في تعميق ممارساتهم نحو المستقبل، وإيجاد الفرص ليكونوا جزءاً من الحراك الثقافي العالمي، مع التركيز على رفع الذائقة الفنية لدى الجمهور، ومن ذلك العروض المقامة على "مسرح إثراء"، ومهرجان أفلام السعودية السنوي الذي يعد أول مهرجان سينمائي في السعودية.
  • مسار الإبداع: يدعم مركز إثراء تطوير ودعم المجال الإبداعي والصناعات الإبداعية في السعودية، وذلك من خلال تقديم برامج تسلط الضوء على المبدعين وتشجعهم على التفكير الإبداعي والابتكار، وتحفزهم على إنتاج المحتوى الإبداعي، حيث يقيم إثراء سنوياً موسم الإبداع "تنوين" الذي يعد أكبر المواسم الإبداعية في السعودية، إلى جانب برنامج "الحلول الإبداعية" الذي يركز على تحويل الأفكار إلى منتجات إبداعية تساهم في إيجاد حلول للتحديات الواقعية.
  • مسار المعرفة: تهدف برامج إثراء إلى الاستثمار في الأجيال القادمة، والمهتمين بالتطوير التعليمي والمهني في القطاع الثقافي، إضافةً إلى استقطاب الكفاءات المتخصصة من حول العالم، وذلك من خلال إنشاء منصة تعليمية لمشاركة المعرفة وتبادل الأفكار وتعزيز الخبرات. وهو ما ترتكز عليه "أكاديمية إثراء" التي تقدم برامج نوعية تصب في هذا الاتجاه، وتطمح إلى تأهيل قادة المستقبل في القطاع الثقافي.
  • مسار الثقافة: يحرص مركز إثراء على إبراز الثقافة السعودية من خلال البرامج والمبادرات التي يقدمها، إضافة إلى تقديم العديد من الفرص للمجتمع السعودي لخوض التجارب الثقافية العالمية. كما يسعى إلى تحقيق التوازن بين برامجه ورؤيته، والحرص على تعزيز التراث السعودي، وإيجاد نقاط للحوار الثقافي المشترك مع شعوب العالم.
  • مسار المجتمع: تهدف برامج إثراء إلى إشراك الجمهور من خلال توفير برامج ومبادرات تفاعلية تلبي جميع الاهتمامات والفئات العمرية، مع منح المجتمع فرص المشاركة في الحراك الثقافي والمجتمعي، وخلق فرص ضمن برامج تلاميذ المدارس، وأيضاً للمتطوعين الشغوفين في مجالات الدعم الثقافي.

فورتشن: ما أبرز مشاريع إثراء وكيف تساهم في رؤية 2030؟

الراشد: لا تتوقف حركة المشاريع والمبادرات في إثراء، فهي مستمرة ومتجددة، وتركز على المساهمة في رؤية 2030، باعتبار إثراء بوابة ثقافية على مستوى العالم، تحتضن الهوية الثقافية السعودية الحقيقية، من خلال المشاركات الدولية والمعارض المتنقلة واستقطاب المركز لنخب عالمية متعطشة للتعرف عن قرب إلى هويتنا الأصيلة. 

كما يركز إثراء في كل فعالياته المقامة على مدار العام على كونه وجهة محلية تعزز مفهوم السياحة الثقافية والمعرفية. إضافة إلى اهتمام المركز بإثراء المحتوى الثقافي المحلي، من خلال التشجيع على خلق منتجات ثقافية مخولة للاستهلاك المحلي والعالمي، وهو ما يقوم عليه البرنامج الوطني "مبادرة إثراء المحتوى العربي". 

وأود أن ألقي الضوء على بعض البرامج التي يقيمها إثراء، وهي: برنامج الاتزان الرقمي "سينك" الأول من نوعه عالمياً والذي يركز على قضية الاتزان الرقمي كمنصة لحوار عالمي حول قضية تحظى باهتمام كافة دول العالم، ونعتز أن إثراء تصدّر هذه المبادرة السعودية كقائد لهذا الحوار الدولي، وأشير أيضاً إلى برنامج مسابقة "أقرأ" السنوية والتي تتوسع في نسختها الثامنة لتشمل جميع الدول العربية، بالإضافة إلى موسم الإبداع "تنوين" الذي ينطلق قريباً بنسخته الخامسة ويعد أكبر مواسم الإبداع في السعودية، ومنه انطلقت مبادرة "الشرقية تبدع" التي حفزت جميع قطاعات المجتمع شرق السعودية للمساهمة في الحراك الإبداعي في مجالات متنوعة.

فورتشن: ما رأيك في الاستثمار بالقطاع السينمائي في السعودية وكيف يمكن جذب المنتجين العالميين للاستثمار فيه؟ وما دور إثراء بذلك؟

الراشد: القطاع السينمائي في السعودية قطاع واعد، ويعد من الاستثمارات طويلة المدى، إذ إن بناء الخبرات وفهم الجمهور وتطوير الذائقة السينمائية جميعها أمور تتطلب بضع سنوات لتتبلور وفق ما هو مأمول، مع ضرورة ألا يقتصر التركيز على المنتج السينمائي فقط، بل على الاستثمار في المواهب السينمائية الوطنية، من منطلق الإيمان بأن السينما هي القوة الناعمة وصوت الشعوب ومرآة ثقافتها. ولطالما حرص مركز إثراء على دعم صُنّاع الأفلام السعوديين والاحتفاء بمنتجهم السينمائي، فقدم مجموعة من المبادرات التي استهدفت توفير منصات للمنتجين السينمائيين، ودفع معايير التميّز في مجال صناعة الأفلام، وتمكين المواهب الجديدة، تزامناً مع النمو الواعد لقطاع السينما في السعودية، وتأكيداً على أهمية هذه المبادرات التي توفر مساحة لتلبية شغف المواهب الوطنية وتمكينها من إبراز تقدم المملكة في صناعة السينما على مستوى العالم.

 ويعد إثراء أكبر منتج للأفلام السينمائية في السعودية، حيث وصل إنتاج المركز إلى 20 فيلماً سعودياً، حاز 15 منها على جوائز محلية وعالمية، وعرض مجموعة منها في محافل عالمية، وذلك بدعم من هيئة الأفلام، التي تقف إلى جانب إثراء في توفير الفرص للمبدعين في صناعة الأفلام.

فورتشن: أين ترين القطاع الثقافي في السنوات المقبلة وما الفرص فيه؟

الراشد: من الصعب النظر إلى القطاع الثقافي وفق منظور تجاري أو ربحي بحت، فهو يرتبط بتكوين المجتمع وبناء نظرته للعالم من حوله، وبالإمكان اعتباره منصة تعلّم غير تقليدية، فضلاً عن دوره كبوابة حوار للمجتمعات والانفتاح على العديد من الثقافات. ومن ناحية استثمارية، لدينا قطاع يتوسع، ويقابل هذا التوسع استهلاك كبير في ظل نقص المحتوى الثقافي الذي يلبي الحاجة وتزايد الطلب. في الوقت ذاته، لدينا مواهب وطنية متطلعة لفرص حقيقية تتيح لها مشاركة موهبتها وشغفها، مع نمو فرص سوق الإنتاج. ومن هذه النقطة، أرى ضرورة أن نوسع حجم سوق الإنتاج، والتسريع في تطوير المواهب ورعاية المشاريع، الصغيرة منها والكبيرة.

 ولدينا مؤشرات على أن المنتج الثقافي السعودي والمواهب المحلية في طريقها لأن تتصدر المراكز الأولى إقليمياً وعالمياً، في ظل الجهود المبذولة للارتقاء بجودة المحتوى الثقافي السعودي بكافة تصنيفاته. وخلال السنوات القليلة الماضية حصدت هذه المواهب عدداً من الجوائز العالمية، وأتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة أن نصل لمرحلة الاكتفاء الثقافي الذاتي، وأن نتصدر المنتجات الثقافية حول العالم.

فورتشن: أخبرينا أكثر عن الاستثمارات في المتاحف والمسارح؟ وما جاذبيتها الاستثمارية؟

الراشد: أعتقد أننا بحاجة إلى خلق هويّة لافتة لمنتجاتنا الثقافية، نضاهي بها الإنتاجات العالمية. فكما اشتهرت روسيا بالباليه، وإيطاليا بالأوبرا، وأميركا بصناعة الأفلام، فنحن نستطيع خلق منتج ثقافي سعودي يحجز له مكانة مرموقة في قائمة المنتجات الثقافية العالمية، ويحمل بصمتنا وهويتنا الثقافية. وعند الحديث عن المتاحف، فهي استثمار للمعرفة والإبداع والفن وتوثيق التاريخ، وبمفهومها العالمي فهي لا تصنف كاستثمار تجاري، لكنها استثمار في التعلّم بطرق غير تقليدية، ولها مردود مختلف تماماً عن غيرها من منتجات القطاع الثقافي، يماثل مردود المؤسسات التعليمية من ناحية رفع مستوى التعلم وتحفيز الفضول المعرفي. 

أما المسارح، فهي تحتمل أن يكون لها صبغة ثقافية واستثمار مجدٍ مادياً في آن واحد، مع إمكانية أن تجوب العروض المسرحية دول العالم، فالاستثمار في المسارح مجال خلاق ويتطلب الكفاءة الإبداعية والجودة العالية ليدر أرباحاً مجزية، وهو بطبيعته استثمار بعيد المدى، فهو يتطلب الصبر في العمل على تأسيس البنية التحتية لفترة طويلة بالمقارنة مع بقية المنتجات الثقافية الأخرى؛ لحصد ثمارها خلال عقد من الزمن، ولنا في العروض المسرحية العالمية الشهيرة أكبر مثال، حيث ما زال الكثير منها مطلوباً من حول العالم، على الرغم من أن عمر بعضها يمتد لعدة عقود.

وأطلق إثراء مبادرة تناولت المسرح المدرسي، لتحفيز الاهتمام بالمسرح والعمل المسرحي بجميع أوجهه، إيمانًا بضرورة تكريس الثقافة المسرحية منذ الصغر، ومساهمة في دعم الجهود المبذولة لخلق جيل مسرحي سعودي مبدع وخلاق في المستقبل. كما أن الاستثمار في المعارض يأتي كذلك بالتوازي.

دعيني أعطيك فكرة عن معرض الهجرة المقام حالياً في إثراء، وهو مشروع متكامل يعد الأول من نوعه في سرد وتوثيق الأحداث التاريخية المهمة للهجرة النبوية الشريفة بطريقة غير مسبوقة ومعاصرة. ويتميز المعرض بالتعاون مع العديد من العلماء والفنانين الذين يساعدون في إحياء رحلة الهجرة من خلال: مجموعة من القطع والمقتنيات الأثرية، وفيلم وثائقي، وكتاب يروي قصة الهجرة.

 ويأتي المعرض تحت شعار (الهجرة على خطى الرسول)، وهو معرض متنقل يبدأ فعالياته في مركز إثراء ليجوب بعد ذلك عدة مدن حول العالم، بهدف تسليط الضوء على موضوع هجرة الرسول من خلال 14 محطة تفاعلية صُممت بدقة عبر خبراء محليين وعالميين. وعند النظر للإقبال الكبير الذي يشهده المعرض حالياً، فإن ذلك مؤشر ضمن عدة مؤشرات على جدوى وجاذبية الاستثمار في هذا القطاع، وتعطش الناس للمشاريع الإبداعية الخلاقة. 

فورتشن: هل تعتقدين أنّ الجمهور السعودي تلقف هذه التغييرات الثقافية الجذرية في التوجّه؟ وهل هو مستعد للمزيد؟

الراشد: سأحدثك هنا بلغة الأرقام، حيث تمكّن إثراء من استقطاب أكثر من 500 ألف زائر خلال النصف الأول فقط من العام الجاري 2022، وهذا يُظهر اهتمام الجمهور المحلي والإقليمي بارتياد إثراء على اعتباره وجهة ثقافية وإبداعية متعددة الأبعاد، ومساحة مُلهمة لاكتشاف الذات، والتحفيز على الابتكار والإبداع. 

الجمهور السعودي مستهلك كبير للمنتجات الثقافية المحلية والعالمية، وكان لدينا حراك ثقافي نشط على مستوى الأفراد قبل عدة سنوات، لكنه لم يحظ بالدعم الكبير الذي نشهده حالياً، فرؤية 2030 منحت منصة للحوار الثقافي الممتد، ونلحظ هذا في حجم الإقبال والتفاعل الكبير مع الفعاليات والبرامج من جميع أطياف المجتمع. حيث نرى المشاركة الفعالة والاحتفاء بالمنتج الثقافي الوطني، إلى جانب الاعتزاز بثقافاتنا وإرثنا الوطني الذي بات يشد شتى شعوب العالم.


image
image