شكّل العامان 2020 و2021 فترة رخاء تاريخية لشركات التكنولوجيا، حيث سجّلت أرقاماً قياسية جديدة وارتفعت قيم الأسهم إلى مستويات جديدة غير مسبوقة. لكن الحال قد تغيّر هذا العام، إذ شهدت تلك الشركات نفسها ضياع ما يقرب من نصف مكاسبها التي جنتها في بدايات الجائحة.
ومع ارتفاع التضخم العام إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً تقريباً وأداء الأسهم السيئ للغاية، أعلنت شركات التكنولوجيا عن مجموعة من عمليات التسريح، إذ سرّحت شركة ميتا نحو 11,000 موظف، بينما صرّحت شركة أمازون أنها قد تلغي 10,000 وظيفة مكتبية في محاولة للسيطرة على التكاليف.
أما شركة تويتر، فقد سرّحت نحو 50% من موظفيها في وقت سابق من هذا الشهر، على الرغم من أن ذلك يرجع إلى بعض الظروف الخاصة بالشركة. ولجأت شركات أخرى مثل مايكروسوفت وسترايب (Stripe) وسيلز فورس (Salesforce) إلى فصل موظفين في الأسابيع القليلة الماضية.
وأدّت عمليات التسريح إلى زيادة الأحاديث حول الانكماش الاقتصادي الذي يلوح في الأفق، والذي يقول بعض الناس إنه بدأ بالفعل، لكن محللين من بنك غولدمان ساكس قالوا في مذكّرة صادرة مؤخراً إن التسريح واسع النطاق للموظفين في قطاع التكنولوجيا قد لا يشير بالضرورة إلى قرب الركود في الولايات المتحدة، وأشاروا إلى ثلاثة أسباب وراء هذا التحليل.
أولاً، شكّل قطاع التكنولوجيا جزءاً صغيراً فقط من سوق الوظائف الأوسع، لذلك لن يكون له تأثير بعيد المدى على البطالة. ففي حين أن ما يقرب من 26% من القيمة السوقية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 تأتي من شركات التكنولوجيا، فإن الوظائف في هذا القطاع لا تعكس النسبة نفسها حسب ما أشار إليه التقرير.
ووفقاً للبنك، شكّلت الوظائف في شركات التكنولوجيا نحو 0.3% فقط من سوق العمل الإجمالي، ولا يعني التأثير المالي لشركات التكنولوجيا تأثيراً على التوظيف.
ثانياً، من المحتمل أن يجد المسرّحون من قطاع التكنولوجيا وظائف بديلة بالنظر إلى عدد الوظائف الشاغرة. فوفقاً للتقرير، فرص العمل الشاغرة في هذا القطاع أعلى مما كانت عليه في مرحلة ما قبل الجائحة، ما يوفر فرصاً للمسرّحين الباحثين عن عمل.
ثالثاً، حصلت ظواهر تسريح جماعي للموظفين في قطاع التكنولوجيا في الماضي، لكنها لم تمثّل دائماً اتجاهاً أوسع من التسريح في القطاعات الأخرى أو ركوداً في السوق، وتكمن الظاهرة الملفتة للنظر برأي البنك في أن سوق العمل ما تزال قوية للغاية.
وبدلاً من أن تكون عمليات التسريح الهائلة علامة على ضعف الاقتصاد، قال المحللون إنها كانت نتيجة انخفاض أرباح الشركات هذا العام، ما جعل الحفاظ على الأعداد الكبيرة من الموظفين أمراً مكلفاً.
وبالنسبة لشركات التكنولوجيا على وجه التحديد، كان جني المكاسب سهلاً وسريعاً، وكذلك كانت خسارتها بالسرعة والحدّة نفسها.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) أن الجانب المشرق للمرحلة الحالية هو أن الإقبال على المواهب التكنولوجية ما يزال كبيراً ويوفر سبلاً للموظفين المسرّحين، وتحقّق الشركات الناشئة أيضاً أقصى استفادة من تسريحات الوظائف التكنولوجية عن طريق ملء الوظائف الشاغرة بمطوري البرمجيات والمهندسين الذين يغادرون شركات التكنولوجيا الكبرى بسنواتٍ من الخبرة.