شهدت أجور العديد من الرؤساء التنفيذيين ارتفاعاً ملحوظاً بالتوازي مع محاولة الاقتصاد الأميركي النجاة من تداعيات الجائحة، وفي السنوات الأخيرة، اتجه المساهمون لاستخدام حقهم في التصويت على الأجور والمسمى (say on pay) من خلال الضغط على الشركات لعدم الانصياع لقرارات حزم أجور المسؤولين التنفيذيين.
وفي عام 2021، فشل عدد قياسي من الشركات المدرجة على مؤشر إس آند بي 500 في كسب تأييد الأغلبية من المساهمين لدعم حزم الأجور.
وتضمّن الإصدار الأخير من التقرير السنوي للرؤساء التنفيذيين الذين حصلوا على "أجور مبالَغ بها" رئيساً حصل على "أجر زائد" تجاوز 200 مليون دولار، ما جعله يتفوّق على رؤساء شركات عملاقة في قطاعات التكنولوجيا والخدمات والرفاهية.
فقد حصل الرئيس التنفيذي لمجموعة وارنر برذرز ديسكفري (Warner Bros. Discovery)، ديفيد زاسلاف، على المركز الأول في التقرير المذكور بأجر زائد بلغ 232.6 ملايين دولار، وذلك وفقاً لتقرير نشرته يوم الخميس مجموعة مناصرة المساهمين آز يو سو (As You Sow)، وبلغ أجره الإجمالي نحو 246.7 ملايين دولار، وجاء الجزء الأكبر من هذا الأجر من عقود الخيارات التي احتفظ بها الرئيس التنفيذي قبل اندماج شركة ديسكفري مع شركة وارنر برذرز، وذلك حسب ما ذكرت رويترز.
وقالت شركة وارنر برذرز ميديا (Warner Bros. Media) لفورتشن (Fortune) إن الأجر يرتبط بعقد توظيف زاسلاف لضمان قيادته مجموعة وارنر برذرز ديسكفري على المدى الطويل وأوضحت الشركة أن "الغالبية العظمى من ذلك الأجر هي أموال نظرية لأنها تستند إلى تمويل فردي بشكل عقود خيارات تبدأ فقط في درّ فائدة مالية لزاسلاف إذا ازداد سعر سهم وارنر برذرز ديسكفري بأكثر من الضعفين، وهو ما سيمثل أكثر من 50 مليار دولار من القيمة الإضافية للمساهمين".
وحلّ في المرتبة اللاحقة لزاسلاف الرئيس التنفيذي لشركة مستحضرات التجميل إستي لودر (Estée Lauder)، فابريتسيو فريدا، والرئيس التنفيذي لشركة الترفيه وألعاب الكازينو بين ناشونال غيمينغ (Penn National Gaming)، جاي سنودن.
ويستخدم التقرير ثلاثة مقاييس بيانات من الشركات المدرجة على مؤشر إس آند بي 500 لتحديد مدى المبالغة في أجر الرؤساء التنفيذيين، إذ يُحتسَب الأجر "الزائد" اعتماداً على تحليل الانحدار الإحصائي بين عائد المساهمين وأجر الرئيس التنفيذي، ونسبة الأسهم التي تتيح لحاملها إمكانية التصويت مقابل أجر الرئيس التنفيذي، والفرق بين متوسط أجور الموظفين وأجر الرئيس التنفيذي، ثم تُجمَع البيانات وتخضع للتصنيف لتحديد الرؤساء التنفيذيين الذين يتقاضون أجوراً زائدة (مبالَغاً بها).
عمالقة التكنولوجيا
للمرة الأولى منذ أن بدأت مجموعة آز يو سو بتصنيف الرؤساء التنفيذيين الذي يتقاضون أجوراً زائدة منذ تسع سنوات، حلّ رؤساء عمالقة التكنولوجيا أمازون وآبل في القائمة، واحتلّا المرتبتين التاسعة والعاشرة.
فقد بلغ أجر الرئيس التنفيذي لشركة التجارة الإلكترونية العملاقة التي تتخذ من سياتل مقراً لها، أندرو جاسي، نحو 212.7 مليارات دولار، وتولى جاسي زمام القيادة في منتصف عام 2021 خلفاً للمؤسس جيف بيزوس، وبلغ أجره الزائد نحو 197.3 ملايين دولار من الأجر الإجمالي. أما الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، فقد بلغ أجره نحو 98.7 ملايين دولار في عام 2021، وكان الأجر الزائد منه نحو 82.9 ملايين دولار، وأعلن كوك مؤخراً أنه سيخفض أجره بأكثر من 40% للسنة المالية 2023.
ويكشف التقرير أن أجور الرؤساء التنفيذيين والفجوة بينها وبين أجور الموظفين آخذة في الاتساع على مر السنين، إذ كان متوسط أجور أعلى 100 رئيس تنفيذي يتقاضون أجوراً مبالغاً فيها (100 Most Overpaid CEOs) لعام 2021 أعلى بمقدار 38 مليون دولار أميركي وبنسبة 30.6% عن متوسط العام الماضي. وعلاوة على ذلك، بلغ إجمالي أجور الرؤساء التنفيذيين لجميع الشركات المدرجة على مؤشر إس آند بي 500 نحو 7.7 مليارات دولار سنوياً، يذهب نصفها تقريباً إلى الرؤساء التنفيذيين المائة المدرجين في تقرير مجموعة آز يو سو.
وعلّق وزير العمل الأميركي السابق، روبرت رايخ، قائلاً في بيان: "إن الزيادات المستمرة والمفرطة في أجور الرؤساء التنفيذيين على مدى العقود الأربعة الماضية تكشف عن خلل هيكلي يستفيد منه الأثرياء على حساب الموظفين والجميع عموماً".
ومع ذلك، نجح المساهمون في بعض الشركات بإحداث تغييرات في أجور الرؤساء التنفيذيين. فعلى سبيل المثال، خضع أجر الرئيس التنفيذي لشركة ألعاب الفيديو أكتيفجن بليزارد (Activision Blizzard)، روبرت كوتيك، للتخفيض إلى نحو 830,000 دولار في عام 2021 بعد أن صوّت أكثر من 44% من المساهمين ضد حزمة أجوره، والتي تجاوزت 150 مليون دولار في عام 2020، حسب ما أوضح التقرير.
ولم يستجب ممثلو شركات أمازون وآبل لطلبات فورتشن للتعليق على الفور.