اقتحم مئة ناشط مناخي أكبر معرض لبيع الطائرات الخاصة في أوروبا يوم الثلاثاء للمطالبة بحظر الطائرات الخاصة ذات الأثر "الضار".
ولجأ الناشطون الذين يدعمون مجموعات من 17 دولة، بما فيها منظمة غرينبيس (Greenpeace) وحركة تمرّد ضد الانقراض (Extinction Rebellion) وحركة ستاي غراوندد (Stay Grounded)، إلى إحاطة الطائرات المعروضة في مؤتمر ومعرض طيران الأعمال الأوروبي (European Business Aviation Convention & Exhibition) الذي يُقام سنوياً في مطار جنيف، ووصل الأمر ببعضهم إلى ربط أنفسهم بممرات الطائرات ومدخل المعرض.
كما علّق المتظاهرون على الطائرات المعروضة في المعرض علامات تحذير تشبه التحذيرات الصحية على علب التبغ، وملصقات ضخمة تحذّر الحضور والمتفرّجين من أثر الطائرات الخاصة مع عبارات بمعنى أن الطائرات الخاصة "تسيء لمستقبلنا" و"تقتل كوكبنا" و"تفاقِم عدم المساواة والتفاوت".
وقالت الناشطة في مجال النقل ضمن حملة التنقل للجميع (Mobility for All) التابعة لمنظمة غرينبيس، كلارا ماريا شينك، لفورتشن (Fortune) في مكالمة هاتفية يوم الثلاثاء إن النشطاء المشاركين في مظاهرة يوم الثلاثاء يعتقدون أن الطيران الخاص قد ألحق الضرر بالمناخ والمساواة الاجتماعية، ووصفته بأنه "أكثر وسائل النقل ظلماً"، ودعت المشرّعين إلى العمل على كبح جماح الانبعاثات من الرحلات الجوية الخاصة.
وقالت: "لأكثر من 20 عاماً، عقد أثرياء أوروبا صفقاتهم في مؤتمر ومعرض طيران الأعمال الأوروبي في أثناء التسوق لشراء أحدث الطائرات الخاصة ذات الأثر الضار، كما أن مبيعات الطائرات الخاصة آخذة في الارتفاع، ويرتفع معها الأثر البيئي الهائل الذي تُحدِثه هذه المجموعة الضئيلة من الأثرياء، بينما تواجه الفئات الأكثر ضعفاً وتأثراً نتائج ذلك كلّه".
وأوضحت المتحدّثة باسم حركة ساينتست ريبيليون ألمانيا (Scientist Rebellion Germany)، كوردولا ماركرت، في حديثها مع فورتشن من المؤتمر الأوروبي في جنيف سبب مشاركة مجموعة حملتها في احتجاج يوم الثلاثاء، وتضم الحملة علماء يناضلون للحد من آثار التغير المناخي.
وقالت: "بصفتنا علماء، نفضل العمل على الأنظمة المعقدة مثل المناخ وإيجاد حلول قابلة للتطبيق. وقد أصبحت الطائرات الخاصة متوفرة للشراء، وهذا جعل فئة ضئيلة تمثّل 1% من سكّان العالم وتمتلك العديد من هذه الطائرات مسؤولة عن 50% من الانبعاثات من الطيران، وهذه هي الفئة التي نريد التركيز عليها".
وأضافت إنه "لم يعد من الممكن تحمّل استمرار الأثرياء في شراء طياراتهم الخاصة واستخدامها لمصالحهم الشخصية على الرغم من معرفتهم أن هذا يسرّع تردّي حالة المناخ".
كما أوضحت الناشطة في منظمة ستاي غراوندد، ميرا كابفينغر، في بيان إنّه يجب على السياسيين فرض "حلول مناخية عادلة" تشمل تضييق الخناق على الرحلات المتكررة.
وقالت: "في حين أن الكثيرين لا يستطيعون تحمل تكاليف الطعام والإيجار بعد الآن، يدمّر فاحشو الثراء كوكبنا، وقد يستمر ذلك ما لم نضع حداً له. وبصرف النظر عن حظر الطائرات الخاصة، فقد حان الوقت أيضاً لإنهاء برامج الأميال الجوية التي توفر مكافآت للسفر المتكرر، وفرض ضرائب على السفر المتكرر بدلاً من ذلك".
استجابة منظمي المؤتمر
قال رئيس الرابطة الوطنية لطيران الأعمال (National Business Aviation Association) الأميركية ورئيسها التنفيذي، إد بولين، ورئيس الرابطة الأوروبية لطيران الأعمال (European Business Aviation Association)، يورغن ويس، في بيان إن المظاهرات كانت " شكلاً من أشكال الاحتجاج غير المقبول على الإطلاق"؛ والرابطتان نظّمتا بشكل مشترك مؤتمر ومعرض طيران الأعمال الأوروبي للعام الحالي 2023.
وأضافا: "ندين هذا الإجراء والتهديد الذي يمثّله على سلامة الشركات العارضة والحضور في مؤتمر ومعرض طيران الأعمال الأوروبي وغيرهم في مطار جنيف وأمنهم". وأوضحا إن قطاع الطيران الخاص "ملتزم بشدة بالعمل المناخي".
وقالا: "خفض هذا القطاع انبعاثاته الكربونية بنسبة 40% على مدار الأربعين عاماً الماضية، ويعمل باستمرار على تقليل الانبعاثات حتى يومنا هذا، ويركز عموماً على تحقيق صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050. ونحن على استعداد للحوار البنّاء بشأن قيادة الاستدامة في القطاع، ونأسف لقرار المحتجّين غير الموفّق بتجاهل فرصة خوض هذا الحوار".
وأوضحت شينك من منظمة غرينبيس لفورتشن إن النشطاء على الأرض في المؤتمر قد حرصوا على عدم تعطيل أمن المطار، وكانوا على تواصل مع أفراد الأمن لنقاش نواياهم. ولم يستجب ممثلو مطار جنيف لطلب فورتشن للتعليق.
ويحضر مؤتمر ومعرض طيران الأعمال الأوروبي للعام الحالي 2023 أكثر من 10,500 مشارك، نصفهم يمتلكون طائرة أو يقودون واحدة، وانطلق المؤتمر يوم الثلاثاء وسيستمر حتى يوم الخميس.
ويمثّل المؤتمر الحدث السنوي الرئيسي لقطاع طائرات الأعمال في أوروبا، ويبذل هذا العام محاولات حثيثة للتركيز على الاستدامة مع مناقشة مواضيع مثل الإقلاع العمودي الكهربائي وهبوط الطائرات ووقود الطيران الأخضر (الصديق للبيئة).
وتأتي احتجاجات الثلاثاء في أعقاب سلسلة من المظاهرات السابقة ضد الطائرات الخاصة في أوروبا، بما فيها احتجاج في مطار سخيبول أمستردام (Amsterdam Schiphol) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شهد تعطيل طائرات خاصة لأكثر من ست ساعات.
انبعاثات الطائرات الخاصة
تعرّض استخدام الطائرات الخاصة للتدقيق في السنوات الأخيرة، وطالت السياسيين والمشاهير انتقادات متزايدة بسبب رحلاتهم الجوية الخاصة شديدة التلوث.
وذكر تقرير صادر عن مؤسسة المليونيرات الوطنيين (The Patriotic Millionaires) ومعهد دراسات السياسات (Institute for Policy Studies) في وقت سابق من هذا الشهر أنّه من المرجّح أن تصل مبيعات الطائرات الخاصة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق هذا العام، وذلك بعد زيادة الأسطول العالمي بأكثر من الضعفين خلال العقدين الماضيين.
أما عن الأثر البيئي للطائرات الخاصة، فيمكن لطائرة خاصة أن تنتج طنين من غاز ثاني أكسيد الكربون في غضون ساعة واحدة، وذلك وفقاً لنتائج مجموعة النقل والبيئة (Transport & Environment) التي تنشط في مجال النقل النظيف. وعلى سبيل المقارنة، ينتج عن الشخص العادي في الاتحاد الأوروبي 8.2 طن من ثاني أكسيد الكربون على مدار عام كامل.
وهذا يعني أن انبعاثات الكربون الناجمة عن ركّاب الطائرات الخاصة قد تصل إلى 14 ضعفاً مقارنة بانبعاثات ركاب الطائرات التجارية، كما يمكن أن تصل انبعاثات الطائرات الخاصة إلى 50 ضعفاً مقارنة بانبعاثات القطارات.
وكشفت دراسة أجرتها منظمة غرينبيس في وقت سابق من هذا العام أن عدد رحلات الطائرات الخاصة ارتفع بنسبة 64% في أوروبا في عام 2022.
وبيّنت الدراسة أيضاً أن الكربون المنبعث من الطائرات الخاصة العام الماضي تجاوز الكمية المنبعثة من أوغندا بأكملها، ويبلغ عدد سكان هذه الدولة نحو 46 مليون نسمة.