بالتوازي مع المساعي لجذب الاستثمارات الأجنبية وتوقيعها العديد من الاتفاقيات مع دول الجوار، تعمل مصر على تمهيد الطريق أمام شركاتها لاختراق الأسواق الخارجية، عبر اقتناص الفرص المهمة استثمارياً.
خلال الأعوام الماضية كان لسياسة مصر الخارجية أثراً في فتح المزيد من الفرص الاستثمارية أمام الشركات في الخارج، خاصة في القارة الإفريقية وليبيا وفلسطين. وذلك للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار.
مجالات الاهتمام الخارجية
قال مدير شركة أبو الخير للتطوير العقاري في مصر، فوزي أبو الخير، في أكتوبر/تشرين الأول 2021: "إن تحركات السياسة الخارجية لمصر خلال السنوات الماضية وفرت فرصاً استثمارية قوية أمام الشركات المصرية في الخارج، خصوصاً أن قطاع البنية التحتية والإنشاء في مصر يمتلك خبرات وإمكانات ضخمة سواء على صعيد المعدات والآلات أو الخبرات والكوادر البشرية"، مشيراً إلى أن مصر انتبهت إلى عمليات إعادة الإعمار التي انطلقت في بعض دول المنطقة خلال الفترة الماضية.
وقعت مصر العديد من الاتفاقيات مع عدة دول عربية، منها السعودية والأردن والعراق، فتحت مجالات للتعاون وتبادل الخبرات، أو وضعت خططاً لمشاريع في مصر مثل مشروع طاقة الرياح مع شركة أكواباور السعودية، أو مشاريع ستنفذها مصر في تلك الدول العربية. ويتبين من خلال البحث في تلك المشاريع، أن الحكومة المصرية تعمل على دراسة كل سوق عربية على حدة وتحديد ما تحتاجه أو ما هو مطلوب ونامٍ فيها، إذ تنوعت أشكال الاستثمار ولم تنحصر في قطاع واحد، وكانت المشاريع وفق التالي:
مشاريع التشييد
في يونيو/حزيران الماضي، زار وفد مصري العراق من أجل دراسة إنشاء محطة معالجة مياه لدولة العراق التي تعاني من مشكلة في تأمين المياه، وذلك في ضوء مذكرة تفاهم موقعة بين مصر والعراق في مجال الموارد المائية.
وسلطنة عُمان التي تعمل على استراتيجية للنهوض بالقطاع الصناعي (استراتيجية الصناعة 2040) وقعت أيضاً مع مصر مذكرات تفاهم في عددٍ من المجالات، وذلك خلال زيارة للرئيس المصري يونيو/حزيران الماضي. من الاتفاقيات التي وُقعت بين البلدين إنشاء وإدارة المناطق الصناعية بين المؤسسة العامة للمناطق الصناعية العمانية والهيئة العامة للتنمية الصناعية المصرية.
أما الأردن التي تسعى لزيادة الاستفادة من الثروات المعدنية والاستثمار في قطاع التعدين، فقد وقّعت مذكرة تفاهم مع شركة تجانس لتملك وإقامة المشروعات، بهدف إعداد خريطة بالثروات المعدنية لتعزيز فرص الاستثمار في المملكة.
وفي هذا الميدان أيضاً، كان لمصر موطئ قدم، حيث وقعت الحكومتان الأردنية والمصرية مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الثروات المعدنية والصناعات البتروكيماوية والنفط والغاز الطبيعي، وتتضمن الاتفاقية تشكيل لجنة مشتركة لبحث وتحديد سبل التعاون في مجالات التدريب ونقل الخبرات، والتنسيق بشأن الإجراءات اللازمة لتنفيذها.
وفي تعليق على المذكرة، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة: إن التعاون ينص على تبادل الخبرات والتجارب في مجال تحسين وصول الطاقة إلى السكان لتطوير البنية الأساسية لاستخدام الغاز الطبيعي في المدن الأردنية، خاصة من خلال تطوير التوزيع العمومي للغاز.
مشاريع في مجالات تكنولوجية
وخلال يونيو أيضاً، وقعت شركة بنية كابيتال المصرية مع شركة الفنار السعودية، اتفاقية لإنشاء شركة في السعودية تركز على مجالات مراكز البيانات والمدن الذكية والأمن السيبراني باستثمارات بقيمة 200 مليون دولار في المرحلة الأولى. كما ستعمل شركة خزنة المالية المصرية وشركة خوارزمي فينتشرز السعودية وفق اتفاق موقع بينهما، على تقديم خدمات مالية لمتوسطي الدخل في السعودية والتوسع في الخدمات المالية المتنقلة للقوى العاملة.
ويُذكرأنه لدى السعودية استراتيجية للمدن الذكية أطلقتها في فبراير/شباط الماضي، والتي قد تكون استراتيجية منافسة في المنطقة، وتدعم الاقتصاد الرقمي والمعرفي.
وفي مجال تصنيع الأدوية، ستتعاون شركة فاركو للأدوية (Pharco Pharmaceuticals) في مصر وشركة عجلان وإخوانه القابضة السعودية لإنشاء مدينة لإنتاج الأدوية في المدينة المنورة، باستثمارات تبلغ نحو 150 مليون دولار. وتستهدف هذه المدينة تغطية احتياجات السوق السعودية، والتصدير إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والدول العربية والإفريقية.
ما الذي يميز مصر في هذه المجالات؟
في الواقع، لدى مصر "أفضل" الشركات في قطاعات المقاولات والتشييد والبناء، والطاقة والكهرباء، حسب تصريح رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين محرم هلال.
وترتبط خبرة الشركات المصرية في مجال المقاولات بقدرتها على التعامل مع مشاريع المدن الذكية، إذ تخطط مصر لتأسيس 38 مدينة من المدن الذكية في جميع أنحاء البلاد كجزء من استراتيجية تطوير البنية التحتية طويلة المدى، واستجابةو استجابة لمشكلة الإسكان والازدحام الحضري.
من جهة أخرى، فإن مصر تولي صناعة الأدوية اهتماماً كبيراً، إذ استطاعت أن تستحوذ على أكبر عدد من مصانع الأدوية والمستحضرات الصيدلانية في المنطقة العربية، بإجمالي 158 مصنعاً، حسب تقرير أعدته شركة جي وورلد للإدارة المتخصصة في تحليل الاستثمارات البديلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.