"يحافظ قطاع التكنولوجيا المالية على الصدارة في تقرير استثمارات المشاريع في الأسواق الناشئة، خاصة في إفريقيا حيث تتوفّر فرص هائلة لتوفير الخدمات المالية إلى الأشخاص غير المتعاملين مع البنوك" حسب تصريح المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة البيانات التحليلية لاستثمارات المشاريع ماغنيت (MAGNiTT)، فيليب بحوشي، لفورتشن العربية.
ويشرح بحوشي أنّ القطاعات الرئيسية الأخرى، مثل التجارة الإلكترونية والنقل والخدمات اللوجستية وبرمجيات الشركات والرعاية الصحية، نالت أيضاً اهتمام المستثمرين. ويضيف: "ما يثير الاهتمام هو أن قطاعات الألعاب والعقارات والزراعة وتجارة التجزئة تجذب مزيداً من التمويل، ولذا، قد تكون هذه القطاعات محط أنظار وجذب في عامي 2023 و2024".
فورتشن: ما هي عوامل الجذب الرئيسية للمستثمرين في 2022؟
بحوشي: انقسم العام الماضي إلى جزأين رئيسيين: انطلق الربع الأول من 2022 مع مستويات قياسية من الجولات الاستثمارية والتمويلات لرؤوس الأموال الجريئة في الأسواق الناشئة، أما في الأرباع التالية، فشهدنا انخفاضاً في التمويل والجولات الاستثمارية في معظم استثمارات المشاريع بالأسواق الناشئة. وفي حين أن إجمالي التمويل لعام 2022 يتجه بوضوح ليماثل مستويات 2021، فإن هذا التمويل موزَّع على عدد أقل من الجولات عموماً.
وتعكس هاتان القصتان التطورات العالمية في هذا القطاع الاستثماري إلى حد كبير، والتي تشمل تحديات الاقتصاد الكلي واسعة النطاق بسبب الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة وامتداد آثار التضخم، إلى جانب عمليات التسريح في شركات التكنولوجيا والشركات الكبيرة الأخرى، وتصحيحات التقييم وتحسينات الاستثمارات في سياق رأس المال الاستثماري المغامر (الجريء)، والتوترات الجيوسياسية العالمية، وعدم اليقين العام بشأن المستقبل.
كما ازدادت التخارجات من الاستثمارات في الأسواق الناشئة كافة ما عدا في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. ومع ذلك، زادت جولات التمويل من المسرّعات في جميع المجالات، لا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء. وتشير بيانات شركة ماغنيت إلى نضج مستمر في استثمارات المشاريع في الأسواق الناشئة على الرغم من التباطؤ النسبي في الأشهر الأخيرة من العام، والذي يماثل تقييمات العديد من الشركات الناشئة التي شهدناها على مدار العام 2022، خاصة في الجولات الاستثمارية في المراحل المتقدّمة.
وسيوضّح تقرير شركة ماغنيت القادم، "تقرير استثمارات المشاريع في الأسواق الناشئة لعام 2023" (Emerging Venture Markets 2023 report) الذي سيصدر في يناير/كانون الثاني، جولات التمويل الأعلى قيمة وسيوفّر بيانات معمّقة عن أسواق الاستثمار الناشئة من منصة تحليلات ماغنيت.
فورتشن: ما هي الأسواق الناشئة الأكثر ديناميكية في الوقت الحالي، ولماذا؟
بحوشي: تعد الأسواق الناشئة عموماً منطقة مثيرة في آفاقها المستقبلية، وهي المنطقة الرئيسية التي ما زالت أمامها إمكانات هائلة. وثمة زيادة في عدد الجولات الاستثمارية الضخمة، أي التي تزيد قيمتها عن 100 مليون دولار، على الرغم من انخفاض حجم التمويل الكلي لهذه الفئة من الصفقات. وشهدت كلّ من البحرين والجزائر أولى جولاتها الاستثمارية الضخمة على الإطلاق.
ويتضح من بيانات شركة ماغنيت أن تمويل أسواق المشاريع الناشئة الأكثر ديناميكية موجود في دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا ونيجيريا، كما تتميز هذه الأسواق، إلى جانب مصر، بوجود المستثمرين الأكثر نشاطاً من حيث عدد الجولات الاستثمارية.
فورتشن: ما هي توقعاتك للشركات الناشئة والاستثمارات المغامِرة في العام المقبل؟ وما هي الجولات الاستثمارية التي تتوقع حدوثها؟
بحوشي: من المحتمل أن يؤدي الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة إلى مزيد من التحديات للشركات الناشئة في جمع التمويل خلال عام 2023، فضلاً عن قيام هذه الشركات بتوفير سيولتها النقدية لتتمكن من إدارة ديونها ومدفوعاتها بشكل أفضل. ومن المرجح أن يواصل قطاع تمويل المشاريع في الأسواق الناشئة محاكاة التطورات العالمية وردود الفعل الناجمة عنها، وإن ظهرت آثار ذلك بشكل متأخر إلى حد ما.
وعلى وجه التحديد، ستكون شركات رؤوس الأموال المغامرة متفائلة ولكن بحذر في عام 2023، وسوف يتمثّل هذا الحذر في تعزيز إجراءات العناية الواجبة لدراسة الجولات الاستثمارية بعناية فائقة، والتراجع عن بعض التقييمات المرتفعة التي سُجلت عقب تخفيف معظم قيود جائحة كوفيد-19، وهذا يعني أن تلك الشركات بحاجة إلى النظر عن كثب في وعودها للشركاء، وخاصة الشركاء الذين يعانون من فرق بين المضاعفات المتوقعة وما يتلقونه بالفعل عند إتمام عمليات الخروج (البيع).
وتتيح المرحلة الراهنة أيضاً للشركات الكبرى فرصاً للاستحواذ بسبب انخفاض التقييم، وهي فترة قد تنتهي بحلول الصيف المقبل.
وأخيراً، لا بد أن يتحلى مؤسسو الشركات الناشئة بالواقعية بشأن التقييمات التي يمكنهم إحرازها ومقدار النمو الذي ينبغي عليهم تحقيقه. وسيكون من الضروري بالنسبة لهم اتخاذ نهج مدروس لتطوير منتجاتهم وتنمية أعمالهم وأسواقهم حتى يتمكنوا من الحفاظ على التدفقات النقدية المطلوبة والبقاء على المسار الصحيح لتحقيق رؤاهم طويلة الأجل، وإلا سيجدون أنفسهم مضطرين لتسليم الدفة لفئات أخرى من المستثمرين الذين قد يتبنّون استراتيجيات أكثر صرامة لترشيد الإنفاق وحصر التكاليف.