حفل اليومان الماضيان بالكثير من الأحداث العاصفة بشركة أوبن أيه آي (OpenAI) التي أثارت الكثير من التساؤلات لدى متابعي مجال الذكاء الاصطناعي من مختلف الأطياف؛ فبعد أن أقال مجلس إدارة الشركة رئيسها التنفيذي، سام ألتمان، يوم الجمعة الماضي، تسابق المستثمرون الذين فوجئوا بهذه الخطوة لإعادته إلى منصبه.
وبعد ظهر يوم الأحد، عاد ألتمان إلى المقر الرئيسي لشركة أوبن أيه آي، حسبما أفادت بلومبرغ، ويمكن اتخاذ قرار إعادته إلى منصبه قريباً. كان ألتمان قد نشر صورة لنفسه على منصة إكس مرتدياً شارة الضيف ويبدو فيها ممتعضاً، وكتب: "المرة الأولى والأخيرة التي أرتدي فيها هذه الشارة".
لكن حتى لو أُعيد إلى منصبه، تظل هناك تساؤلات حول سبب إقدام مجلس الإدارة على إقالته في المقام الأول؛ في حين لم يقدّم مجلس الإدارة سوى تفسيرات غامضة يوم الجمعة الماضي.
ومن بين أولئك الذين يريدون معرفة الأسباب الحقيقية لإقالته، الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، إيلون ماسك، الذي كتب على منصة إكس: "في ضوء مخاطر الذكاء الاصطناعي المتقدم وقوته، يجب إطلاع الجمهور على السبب الذي دعا مجلس الإدارة إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء المصيري".
وعندما قال أحد مستخدمي منصة إكس إنه يشعر بأن ثمة "مفاجأة مدوّية" وراء إقالة ألتمان لا يعلم الجمهور عنها شيئاً، علّق إيلون ماسك قائلاً: "بالضبط".
من جانب آخر، أعرب خبير الذكاء الاصطناعي، غاري ماركوس، عن قلقه إزاء الأحداث الجارية، لافتاً إلى أن الأمر لا يبشر بالخير في ظل رضوخ مجلس إدارة شركة أوبن أيه آي على ما يبدو لضغوط المستثمرين الذين تسابقوا لإعادة ألتمان إلى منصبه، في حين كان يُفترَض بأعضائه السيطرة على مجريات الأمور في الشركة ذات سقف الربح المحدد وأن يضعوا رسالتها غير الربحية نصب أعينهم.
وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أوبن أيه آي، براد لايتكاب، لبلومبرغ: "أجرينا محادثات عديدة مع مجلس الإدارة لمحاولة تكوين فهم دقيق للأسباب والدوافع الكامنة وراء قرارهم"، ما يعني أنه فوجئ هو والآخرون في الشركة بالقرار. كتب إريك نيوكمر، الذي يستضيف بودكاست يتناول قضايا التكنولوجيا، في نشرته الإخبارية إن ألتمان ينبغي ألا يُمنح الكثير من الصلاحيات.
وأضاف: "ينبغي للجمهور أن يرفض أمراً كهذا، وينبغي لمجلس إدارة شركة أوبن أيه آي ألا يمنح ألتمان صلاحيات مطلقة لإدارة الشركة كما يحلو له، فألتمان لديه تاريخ حافل بتفكيك الشركات، وأعضاء مجلس الإدارة الحاليين ليسوا أول من شكّك في نزاهته. إلا أنهم فعلوا ذلك على الملأ".
وعدّد بعضاً من المآخذ، من بينها الصراع على السلطة مع إيلون ماسك الذي كان أحد مؤسسي شركة أوبن أيه آي عام 2015 وساعد في استقطاب المواهب الرئيسية، لكنه غادر الشركة مستاءً بعد بضع سنوات. أبدى ماسك لاحقاً تذمره من الشركة التي يُفترَض بها أن تكون مؤسسة غير ربحية وأن تكون بمثابة قوة موازنة لشركة جوجل، لكنها أصبحت "شركة مغلقة المصدر وذات سقف ربح غير محدود وتخضع لسيطرة مايكروسوفت في الواقع الفعلي، وهو ما يتناقض تماماً مع غايتي الأساسية".
يُشار إلى أن ماسك كان العقل المدبّر لتعيين كبير العلماء في مركز التغيير القيادي بشركة أوبن أيه آي، إيليا سوتسكيفر. وسوتسكيفر عضو في مجلس الإدارة الحالي، وهو الذي أبلغ ألتمان خبر إقالته، وفقاً لغريغ بروكمان الذي استقال من منصب رئيس الشركة احتجاجاً على إقالة ألتمان.
وأفادت بلومبرغ أن أعضاء مجلس الإدارة وافقوا على التنحي، ويعكفون حالياً على مراجعة أوراق المرشحين الجدد للانضمام إلى المجلس.
ويبقى أن نرى كيف سيُعاد تشكيله. ووفقاً للمصادر التي تحدثت معها بلومبرغ، سيكون من بين أعضاء مجلس الإدارة الجدد الرئيس التنفيذي المشارك السابق بشركة سيلز فورس (Salesforce)، بريت تايلور.
ثمة تكهنات أخرى تشير إلى احتمالية ذهاب أحد مقاعد مجلس الإدارة إلى شركة مايكروسوفت التي يُقال إن رئيسها التنفيذي، ساتيا ناديلا، فوجئ بقرار إقالة ألتمان.
وكانت شركة البرمجيات العملاقة قد تعهدت بتقديم ما لا يقل عن 13 مليار دولار لصالح شركة أوبن أيه آي منذ عام 2019، لكنها لم تقدم سوى جزء من ذلك المبلغ. ثمة شكوك تحوم حول قدرة شركة أوبن أيه آي على مواصلة العمل دون التدفقات النقدية المستمرة والقوة الحاسوبية التي توفرها مايكروسوفت، ما يعني أن مايكروسوفت تمتلك نفوذاً واسعاً، سواءً انضمت إلى مجلس الإدارة أم لم تنضم إليه.