تهدف إسلاميك كوين (Islamic Coin)، وهي عملة رقمية خاصة بشبكة حق انطلقت من الإمارات في صيف 2022 وتتم إدارتها من خلال العملاء، إلى تأسيس نظام مالي متوافق مع الشريعة الإسلامية ومبنيٍّ على القيم السامية، حسب تعريفها على صفحتها الرسمية. و"حق" شبكة سلسلة الكتل المصدرة لعملات إسلاميك كوين والتي تمثّل العملة الرئيسيّة للشبكة.
تتكون إسلاميك كوين من عدد محدود من العملات، ويُخصَّص تلقائياً ما نسبته 10% من قيمة كل عملة صادرة لأغراض خيرية. في حديث فورتشن مع المؤسس الشريك في إسلاميك كوين، محمد الكاف الهاشمي، يقول: "تلقى المهتمون العملة بالكثير من التفاعل والحماس، الأمر الذي فاق توقعاتنا، وكأن الجميع كان في انتظار هذا المشروع، ووجدنا تعطشاً وإقبالاً كبيراً".
فورتشن: كيف تقيّمون سوق الكريبتو في العالم العربي؟ وما مدى وعي الجمهور بماهيته؟
الهاشمي: سوق الكريبتو في العالم واعد جداً وفي تنامٍ مستمر. لقد رأينا في الفترة الأخيرة العديد من المشاريع القوية التي تضيف قيمة للسوق وللعملاء، منها ما هو متعلق بالبيئة والاستدامة المرتبطة بالائتمان الكربوني (carbon credit)، ومنها ما هو متعلق بالمعلومات اللامركزية وغيرها.
والمميز فيها أن معظمها مرتبط بإضافة قيمة للمجتمع، وليست مجرد مشاريع لجمع المال فقط. أما بالنسبة لوعي الجمهور بماهيته، فما تزال هناك حاجة للمزيد من الجهود في هذا الاتجاه. ومن جهتنا، نقوم ببناء أكاديمية مجانية متخصصة في الكريبتو والتوعية بماهيته وكيفية التعامل مع هذه السوق، وذلك بالشراكة مع الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية (IIUM).
وهناك أيضاً توجهات وجهود ملحوظة من بعض الجهات الحكومية في المنطقة للتوعية، ولقوننة الكريبتو قدر الإمكان. ورأينا كيف كانت دبي سباقة بإنشاء أول جهة متخصصة في قوننة الأصول الافتراضية (VARA).
فورتشن: تعرّفون إسلاميك كوين أو الأصول المشفرة (الكريبتو) الحلال بأنها وُجدت خصيصاً لإضافة قيمة للمجتمع الإسلامي في جميع أنحاء العالم. من ينافسكم في هذه السوق؟ وما القيمة التي تقدمونها؟ وما الأهداف التي انطلقتم منها لابتكارها؟
الهاشمي: القيمة تكمن في إنشاء أول بيئة متكاملة من النواحي التقنية والشرعية والخيرية (الوقف)، فضلاً عن المجلس الشرعي الذي يضم نخبة من المتخصصين الذين يقودون الجانب الشرعي لأكثر من 50 جهة مالية إسلامية عالمية بقيادة الدكتور نظام اليعقوبي. وقد حصلنا منهم على فتوى رسمية بشرعية المشروع وتم نشرها على موقعنا. وتتميّز إسلاميك كوين أيضاً بالمجلس التنفيذي الذي يضم نخبة من الخبرات في أسواق المال المتخصصة، فضلاً عن المجلس الاستشاري الذي تترأسه نخبة من القادة والشيوخ.
ويضم المشروع أول وقف رقمي إسلامي للعملات المشفرة في العالم، ويعنى بتمويل مشاريع التكنولوجيا للمجتمع. وتعتبر شبكة حق (Haqq chain) قاعدة تقنية قوية كي يبني عليها أفراد المجتمع ومؤسساته مشاريعهم، حيث تعتبر منصة بلوك تشين من الدرجة الأولى (L1 Blockchain)، وتم إنشاؤها بطريقة متوافقة مع منصة الإيثيريوم وباستخدام تقنية كوسموس (Cosmos)، وهذا يسهل نقل المشاريع الأخرى وربطها بها بسهولة ويسر.
وكوسموس منظومة من الشبكات والأدوات لإنشاء سلاسل بلوك تشين تتسم بالتوافق التشغيلي. وتؤدي سلسلتها الرئيسية وظيفة سجل الحسابات المركزي لسلاسل البلوك تشين المتوافقة التي يُطلق عليها "المناطق".
وبهذا، نكون قد قدمنا بيئة متكاملة تمكّن المجتمع بأدوات مالية وتقنية قوية، وتتوافق مع الضوابط الشرعية الإسلامية، وفي الوقت نفسه تدعم الجانب الإبداعي والجانب الخيري.
وفيما يخص المنافسين، فمعظم المشاريع الموجودة في الساحة تتشابه في أمرين، الأول هو عدم تضمّنها العديد من النواحي المتكاملة إما من حيث التقنية وإما من حيث الهيكلة وإما النواحي التجارية أو الشرعية. البعض كان تركيزه فقط على النواحي التجارية والآخر على النواحي الشرعية أو على النواحي التقنية، وهذا يشكل فراغاً وربما عائقاً لتقبّل الجمهور للمشروع.
أما الأمر الثاني، فهو إطلاق مشاريع على منصات أخرى تجد عليها مشاريع تتعامل في الربا والقمار وغيرهما. وهنا يبرز عائق من ناحية تقبّل الجمهور ومن الناحية الشرعية أيضاً. وهذا جعل المجال أمامنا أكثر اتساعاً.
ولدينا شراكات استراتيجية مع جهات عديدة حول العالم مثل فامبراس (Fambras) أكبر مصدر للشهادات الحلال للمنتجات الإسلامية في العالم، والجامعة الإسلامية العالمية الماليزية، ومنصة هوليداي سواب (Holiday Swap) التي تتيح حجز المنازل أو استضافتها أو تبديلها في أي مكان في العالم، فضلاً عن شراكات مع أكثر من 650 ألف محفظة نشطة ستعمل عبر منصة حق، وغيرها من الجهات. وأطلقنا مؤخراً صندوقاً تمويلياً بقيمة 40 مليون دولار لتمويل المشاريع التي ستعمل على منصة حق.
فورتشن: كم يبلغ عدد العملات المتداول بها عبر المنصة؟
الهاشمي: تم إطلاق مرحلة البيع الخاص للعملات (Private sales) في شهر أغسطس/آب 2022، وتجاوزت قيمة عمليات الشراء 200 مليون دولار في الأسابيع الأربعة الأولى.
وعدد العملات محدد بـ 100 مليار وحدة سيتم إنتاجها خلال 100 عام، وتم إنتاج 20% منها حالياً وهي مربوطة بجدول استحقاق (vesting) على مدى 24 شهراً لضمان استقرار السوق، ويُتوقع أن يكون المتاح منها للتداول المباشر يقل عن 1% فقط.
فورتشن: من هو جمهوركم المستهدف؟
الهاشمي: نستهدف بشكل أساسي المجتمع المسلم الذي يفوق تعداده 1.8 مليار شخص حول العالم وسيبلغ 3 مليارات شخص في عام 2060، بالإضافة إلى الأقليات الأخرى من غير المسلمين، والتي تؤمن بالقيم والمبادئ المالية الإسلامية، إضافة إلى متداولي العملات الرقمية بشكل عام.
ويصل حجم السوق المالية الإسلامية إلى أكثر من 3 تريليونات دولار، وسوق المنتجات الإسلامية والحلال إلى 4 تريليونات دولار، وهي سوق واعدة وسريعة النمو.
نرى خلال الحياة اليومية إقبالاً كبيراً على التعاملات المالية الإسلامية من المجتمع، ونرى حتى أنّ البنوك غير الإسلامية أصبحت تقدم حلولاً ومنتجات مالية إسلامية، وهذا مؤشر قوي لوجود سوق واعدة.
وتعتبر تقنية البلوك تشين بين التقنيات الأكثر أماناً وشفافية وموثوقية؛ وهذا يجعلها ملائمة تماماً لتحتضن الحلول المالية والتجارية الإسلامية، ولا سيما العقود الذكية التي نعمل حالياً على تطوير جزء كبير منها لتقديم التعاملات الإسلامية المختلفة، مثل المرابحة والمضاربة والمشاركة وغيرها، بحلة تقنية جديدة وسهلة وأقل كلفة وأكثر موثوقية.
فورتشن: علام يقوم نموذج عملكم؟ وهل خضتم أي جولات تمويل؟
الهاشمي: مشروعنا يعتبر بلوك تشين من الدرجة الأولى (L1 Blockchain)، وصُمم لجذب المجتمع والمطورين لإنشاء مشاريعهم عليه، ما يثري البيئة التي بنيناها ويقدم أنظمة وحلولاً وتطبيقات متكاملة للجمهور. ولم نخض أي جولات تمويلية، وبعدما بنينا منصة حق والعملة الإسلامية بدأنا بعملية البيع الخاص.
فورتشن: ما العائدات التي تجنونها؟ وهل أنتم شركة رابحة؟
الهاشمي: مؤسسة حق (Haqq Association)، التي تقف خلف شبكة حق، هي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تمكين المجتمع عبر إتاحة تقنيات حديثة تعتمد على قيم الشريعة الإسلامية ومبادئها، ويمكّن ذلك أفراد المجتمع من القيام بتعاملاتهم المالية والتجارية المؤسسية والفردية اليومية بشكل سلس وفعال، بينما تدعم الابتكار والجانب الخيري في نفس الوقت.
نحن مثل غيرنا من أفراد المجتمع الذين يتملكون ويقومون بتداول العملة الإسلامية، وسنجني الربح من خلال ارتفاع قيمة العملة وتوسع رقعة تداولها، ومن خلال المشاريع التي سنقوم ببنائها مستقبلاً على منصة حق والتي هي أيضاً متاحة لأفراد المجتمع كافة لبناء مشاريعهم.
فورتشن: ما الصعوبات التي واجهتكم، وكيف تخطيتموها؟
الهاشمي: لقد تخطينا معظم الصعوبات التي واجهتنا؛ ففي البداية، كان هناك بعض الصعوبات المتعلقة بهيكلة المشروع وتطوير التقنية لتتوافق مع الضوابط الشرعية، ولكن عملنا بجهد مع مجلس الشريعة الإسلامية في بريطانيا، حتى توصلنا إلى حلول مبتكرة تتوافق مع الضوابط الشرعية وتخطينا هذه الصعوبة. حالياً، نرى بعضاً من التحديات في التوعية بماهية المشروع؛ ولهذا نقوم ببناء أكاديمية مجانية متخصصة أيضاً، ونعمل مع جهات كبرى متخصصة في التوعية والتسويق وقد بدأت تؤتي ثمارها.
فورتشن: أين ترون مستقبل هذا القطاع في المنطقة؟
الهاشمي: نرى المنطقة في المستقبل القريب تتجه إلى التعامل المالي اللانقدي، وتتوجه أيضاً للبلوك تشين واللامركزية في العديد من الجوانب، ونرى اتساع الاستيعاب لمشاريع الكريبتو وقبولها. المنطقة بشكل عام واعدة باقتصاد أفضل وتقبُّل للتقنيات الحديثة خلال السنوات القادمة.
ويجدر أن ننبه هنا إلى أن قطاع الكريبتو في طريقه للتعافي ولكسب ثقة المجتمع بعد سلسلة من الانهيارات لبعض المشاريع الوهمية أو غير الشرعية وغير القانونية. وكل يوم نرى الكثير من الأدوات التقنية المتطورة التي تمكّن المجتمع والجهات المعنية من مراقبة العمليات والمشاريع في هذا القطاع، والتي أيضاً تقوم بتقييمها من ناحية التقنية والموثوقية، وهذا مهم جداً للوصول إلى مرحلة نمو مستقر وشفافية.