لا تزال أعداد حالات الإصابة بالمتحوّر الجديد المسمّى 'أوميكرون الشبح' الذي ضرب الولايات المتحدة منخفضة، لكن خبراء الصحة يراقبون ظهور هذه السلالة الجديدة. وحتى الآن، هناك أقل من 100 حالة مؤكدة لما أطلق عليه العلماء المتحوّر الفرعي 'بي إيه.2' (BA.2) في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لتقرير من محطة 'كومو الإخبارية' (KOMO News) بواشنطن، وقد تم تشخيص الإصابة المتحوّر الجديد بنجاح في واشنطن وتكساس، وولايات أخرى.
لكن الحال مختلف في أوروبا وبعض دول آسيا، إذ تسبّب المتحوّر الجديد بعدد متزايد من الحالات في الأسابيع الأخيرة، ففي الدنمارك - حيث يبلغ إجمالي حالات الإصابة بكوفيد اليومية نحو 40,000 حالة - نتجت نحو 65% من الإصابات الجديدة عن أوميكرون الشبح.
وفي المملكة المتحدة، بلغ عدد الحالات الناجمة عن المتحوّر الجديد 426 حالة مؤكدة بحلول 21 يناير/كانون الثاني، ما دفع السلطات الصحية إلى وضع المتحوّر 'بي إيه.2' الأسبوع الماضي 'تحت الدراسة'.
وإن دلّت التطوّرات في أوروبا على شيء، فقد تدل على احتمال أن يتسبب أوميكرون الشبح بالمزيد من الحالات في الولايات المتحدة، لذا دعونا نلقي نظرة أعمق على كل ما نعرفه حتى الآن عن المتحوّر 'أوميكرون الشبح'، وهو المتحوّر الجديد لفيروس كورونا الذي وصل إلى الولايات المتحدة.
كيف يختلف عن المتحوّر أوميكرون القديم؟
يختلف 'أوميكرون الشبح' أو السلالة الفرعية 'بي إيه.2' من فيروس كورونا عن سلالة 'بي إيه.1' (BA.1) وهي المتحوّر أوميكرون الشائع (وهو ما يُعتقد أنّه أوميكرون الأصلي) بأنه يفتقر إلى طفرة جعلت السلالة الأولية قابلة للكشف في اختبارات 'بي سي آر' (PCR) وسميّت أوميكرون، وذلك وفقاً لـ'وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة' (U.K. Health Security Agency).
وأوضحت الوكالة أن المتحوّر 'بي إيه.1' يتميّز بافتقاده جزء من بروتين الشوكة 'إس' (S) في حالة تسمى 'الحذف الجيني'، وهذا يتيح تشخيص الإصابة بكورونا على أنها ناتجة عن المتحور أوميكرون. أما المتحوّر 'بي إيه.2'، فهو لا يتّصف بهذا الحذف الجيني، لذلك من الصعب تصنيف الحالات الإيجابية (الإصابات) على أنها ناجمة عن المتحوّر الجديد في اختبارات 'بي سي آر' كما هو الحال في أوميكرون.
لكن بعض الخبراء يقولون إن هذا لا يعني أن السلالة الفرعية الجديدة غير قابلة للاكتشاف العام في اختبارات كوفيد، بل يعني فقط أنه من الصعب تصنيفها على أنها سلالة المتحوّر أوميكرون في حال كانت نتيجة اختبار 'بي سي آر' إيجابية.
كتب كورنيليوس رومر، عالم الأحياء الحاسوبية في 'جامعة بازل' (University of Basel) السويسرية، على منصة 'تويتر': "يمكن اكتشاف سلالة 'بي إيه.2' بواسطة اختبارات 'بي سي آر' … واعتماداً على نوع اختبار 'بي سي آر' المستخدم، فقد لا يبدو مثل سلالة 'بي إيه.1' وهي سلالة أوميكرون الأصلي، لكن نتيجة الاختبار ستكون إيجابية في كافة الأحوال. من المحبط أن نرى أن الأكاذيب حول عدم القدرة على اكتشاف السلالة الجديدة ما زالت موجودة".
لا يزال من غير الواضح مدى تأثير طفرات المتحوّر 'بي إيه.2' على شدة الإصابة أو قابلية العدوى (الانتشار)، لكن الباحثين لاحظوا أن المتحوّر الجديد قد يحتوي على ما يزيد عن 28 طفرة مختلفة عن المتحوّر أوميكرون 'بي إيه.1' الأصلي، ونتيجة لذلك، يدعو البعض إلى تصنيف المتحوّر الجديد على أنه متحوّر جديد كلياً ومختلف، وتسميته بحرف يوناني جديد عليه.
إلى أي درجة يجب أن نقلق؟
تشير التقارير المبكرة الصادرة من الدنمارك، حيث شُخّص عدد كبير من الإصابات بالمتحوّر أوميكرون الشبح، إلى أن المتحوّر الجديد لا يسبب زيادة في الحاجة لدخول المستشفى مقارنة بالمتحور أوميكرون الأصلي.
وقال معهد 'شتاتنز سيروم' (Statens Serum Institut) الدنماركي، وهو مركز أبحاث حكومي للأمراض المعدية، في بيان الأسبوع الماضي: "يظهر التحليل الأولي عدم وجود فروق في الحاجة لدخول المستشفى للمتحور 'بي إيه.2' مقارنة مع 'بي إيه.1'، ومن المتوقع أن تكون اللقاحات فعالة أيضاً ضد الأعراض الشديدة الناجمة عن المتحوّر 'بي إيه.2'".
لكن بعض الخبراء ما زالوا يقولون إن المتحوّر الجديد مُقلِق، فعلى الرغم من أن الأبحاث لا توضح أن المتحوّر الجديد أكثر قابلية للانتقال من المتحوّر أوميكرون - الذي هو نفسه أكثر قابلية للانتقال من المتحوّرات السابقة لفيروس كورونا - إلا أن أعداد الحالات المتزايدة في أوروبا وآسيا جعلت الخبراء في حالة تأهب.
وكتب توم بيكوك، عالم الفيروسات في جامعة 'إمبريال كوليج' في لندن (Imperial College of London)، على منصة 'تويتر' يوم الأربعاء: "الانتشار المنتظم في عدة بلدان هو دليل على أن المتحوّر 'بي إيه.2' قد يكون أكثر قابلية للانتقال بعدة درجات مقارنة بـ 'بي إيه.1'".
لم يستجب بيكوك بسرعة لطلب 'فورتشن' (Fortune) للتعليق على التطوّرات.
ما التالي؟
أوصت 'منظمة الصحة العالمية' (World Health Organization) يوم الاثنين المسؤولين باتخاذ تدابير إضافية لتحديد ما إذا كان المتحوّر 'بي إيه.2' يشكل تحدياً جديداً مقارنة بالمتحوّر أوميكرون الأصلي.
إذ صرّحت المنظمة:"يجب إعطاء الأولوية لدراسة خصائص المتحوّر 'بي إيه.2'، بما في ذلك خصائص الهروب المناعي والحدة الفيروسية، بشكل مستقل ونسبي مقابل خصائص المتحوّر 'بي إيه.1'".
ولا يسعّنا سوى الانتظار وترقّب ما إذ كان المتحوّر 'بي إيه.2' سيسبّب إصابات أكثر من المتحوّر أوميكرون الأصلي في الولايات المتحدة.
ما زالت أعداد الحالات أقل بكثير من الإصابات الناتجة عن أوميكرون الأصلي، وصرّحت 'مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها' (Centers for Disease Control and Prevention) إنها ستستمر في مراقبة المتحوّر أثناء انتشاره في الولايات المتحدة وخارجها.
قالت كريستين نوردلوند، المتحدثة باسم 'مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها'، في بيان لصحيفة 'واشنطن بوست' (The Washington Post): على الرغم من أن إصابات المتحوّر 'بي إيه.2' قد زادت مؤخراً بشكل متناسب في بعض البلدان، إلا أنها ما زالت تمثل نسبة منخفضة جداً من المتحوّرات المنتشرة في الولايات المتحدة والعالم. وفي الوقت الحالي، لا توجد بيانات كافية لتحديد ما إذا كانت سلالة 'بي إيه.2' أكثر قابلية للانتقال أو أنها تتمتع بقدرة انتشار أعلى من سلالة 'بي إيه.1'.