شرعت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، باتباع "إجراءات استثنائية" لضمان استمرار عمل الحكومة الأميركية بعد بلوغ الدين الحكومي (القومي) الحد البالغ 31.4 تريليون دولار مرة أخرى في يناير/كانون الثاني المنصرم. وحذّرت مراراً وتكراراً في سلسلة مقابلة مؤخراً من أنها لا تستطيع الاستمرار بهذه الإجراءات إلى الأبد، وقالت إننا قد نصل سريعاً وقبل ما هو مخطط له إلى الموعد المحدد للديون الذي ستنفد عنده الأموال اللازمة لاستمرار عمل الحكومة، وقد يكون هذا الموعد قريباً جداً مثل الأول من يونيو/حزيران القادم، وسيحمل ذلك معه كارثة اقتصادية.
بسبب هذه المخاوف والتوقعات الكارثية، ازداد الضغط على السياسيين لحل أزمة الدين، وأعرب اقتصاديون مشهورون مثل الأستاذ الجامعي في جامعة هارفارد، جيسون فورمان، عن أسفهم للضغط الاقتصادي غير الضروري والناجم عن اتباع واشنطن "سياسة حافة الهاوية" لسقف الديون. كما دقّ خبراء وول ستريت ناقوس الخطر أيضاً، بمن فيهم الرئيس التنفيذي للاستثمار في بنك مورغان ستانلي (Morgan Stanley)، مايك ويلسون، الذي حذّر هذا الأسبوع من أن إجراءات سقف الديون هي "حركة خاسرة للأطراف كافة في الأسواق". ويترقّب الرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية في جميع أنحاء البلاد اليوم الذي سوف تتخلّف فيه الولايات المتحدة عن سداد ديونها، وذكر الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس (JPMorgan Chase)، جيمي ديمون، أنه شكّل "غرفة عمليات" للتخطيط للأسوأ.
والآن، هناك مجموعة تضم أكثر من 140 شخصاً من الرؤساء التنفيذيين وعمالقة وول ستريت للضغط على السياسيين نتيجة عدم قدرتهم على التوصل إلى اتفاق لسقف الديون، وتضم هذه المجموعة شخصيات مثل الرئيس التنفيذي لشركة فايزر (Pfizer) ألبرت بورلا، والرئيس التنفيذي لشركة مايسيز (Macy’s)، جيف جينيت، والرئيس التنفيذي لبنك مورغان ستانلي، جيمس غورمان، والرئيس التنفيذي لبنك غولدمان ساكس (Goldman Sachs) ديفيد سولومون، والمؤسس المشارك لشركة كيه كيه آر (KKR) الاستثمارية، هنري كرافيس.
قالت المجموعة في رسالة مفتوحة إلى الرئيس بايدن والكونغرس يوم الثلاثاء: "نودّ تأكيد العواقب الكارثية المحتملة لفشل الحكومة الفيدرالية في الوفاء بالتزاماتها المالية".
وأشار الرؤساء التنفيذيون وقادة وول ستريت إلى حالة مشابهة في عام 2011 عندما استغرق رفع سقف الدين الكثير من الوقت لدرجة أن الحكومة أقرّته قبل يومين فقط من الموعد النهائي المحدد لذلك، وذكروا أن سوق الأسهم هبطت بنسبة 17% في ذلك الحين. ووفقاً لبيانات وكالة موديز (Moody’s) الواردة في الرسالة، تسبّبت الأزمة في زيادة معدل البطالة بمقدار 0.7 نقطة مئوية وبانكماش اقتصادي بمقدار 180 مليار دولار.
وأوضح أعضاء المجموعة أن هذه الآثار الكارثية "قد حدثت حينئذ دون أن تتخلّف الولايات المتحدة عن سداد ديونها فعلياً"، وأنه إذا تخلّفت الولايات المتحدة هذا العام ووصلت الحكومة إلى الموعد النهائي دون حل، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الانهيارات المصرفية بعد الاضطراب الأخير في القطاع المصرفي، وقد "يهدد قدرة الحكومة على سداد فواتيرها الأخرى مثل بعض المدفوعات لمستلمي الضمان الاجتماعي أوبرنامج الرعاية الطبية (ميديكير) (Medicare)".
وأضافوا "لا يمكن السماح بحدوث ذلك، وندعو بشدة إلى التوصل بسرعة إلى اتفاق حتى تتمكن البلاد من تجنب هذا السيناريو المُدمّر المُحتمَل". وقال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي يوم الأربعاء بعد يوم من تلقي الرسالة إنه يحرز تقدماً بطيئاً في سبيل حل مشكلة سقف الديون مع إدارة بايدن.
وقال لشبكة سي إن بي سي (CNBC): "أعتقد أننا لن نصل إلى مرحلة التخلّف عن سداد الديون، وعلى الرغم من أن الوقت محدود، لكن سنحرص على العمل جاهدين لمنع التخلّف".
كما ألقى الرئيس بايدن خطاباً متفائلاً يوم الأربعاء قال فيه إنه يأمل أن تتمكن الولايات المتحدة من تجنّب التخلف عن السداد، وقال: "أنا واثق من أننا سنتوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية ولن تتخلّف أميركا عن السداد. لا خيار آخر".