تسبّب الغزو الروسي لأوكرانيا بأزمة طاقة طالت جميع أنحاء أوروبا. فقد كان الاتحاد الأوروبي قبل الحرب يستورد من روسيا نحو 40% من حاجته من الغاز الطبيعي وما يقرب من 30% من النفط الخام، وبعد أن قطعت روسيا إمدادات الطاقة عن القارة، سارع المسؤولون الأوروبيون لإيجاد بدائل وكان الفحم أحدها.
ومع ذلك، لم يكن استخدام القارة من الفحم واضحاً حتى الآن. إذ اتّضح مؤخراً أن استخدام الفحم العالمي سيرتفع بمقدار 1.2% هذا العام وفقاً لتقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة، وهذا يعادل استخداماً سنوياً قياسياً قدره 8.025 مليار طن، متجاوزاً القيمة العليا السابقة البالغة 7.997 مليار طن في عام 2013.
وذكر التقرير أن "الغزو الروسي لأوكرانيا قد غيّر بشكل ملحوظ ديناميكيات تجارة الفحم ومستويات الأسعار وأنماط العرض والطلب في عام 2022". ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي بشكل كبير هذا العام، ما دفع بعض البلدان إلى التحول من الغاز إلى الفحم.
وكان الاتحاد الأوروبي من أكثر المناطق تضرراً من أزمة الطاقة لدرجة إعادة تشغيل بعض محطات الفحم التي كانت قد أُغلِقت سابقاً، وكان الأثر واضحاً ومهماً بشكل خاص في ألمانيا، حيث أدّى ذلك إلى زيادة الطاقة المُتولِّدة من الفحم في الاتحاد الأوروبي عموماً. ومع ذلك، ما تزال الصين والهند أكبر منتجي الفحم ومستهلكيه في العالم، حيث تعتمدان عليه بشكل كبير لتوليد الكهرباء.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن الزيادة في استخدام أوروبا للفحم من المرجح أن تكون مؤقتة وقد ينخفض الاستخدام قريباً بحلول عام 2024. وقال مدير أسواق الطاقة وأمنها في الوكالة الدولية للطاقة، كيسوكي ساداموري: "إن الطلب على الفحم جامح، ومن المرجح أن يصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق هذا العام، ما سيؤدي إلى زيادة الانبعاثات العالمية.
وفي الوقت نفسه، هناك العديد من الدلائل على أن أزمة الطاقة الحالية سوف تسرّع اعتماد حلول الطاقة البديلة مثل مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والمضخات الحرارية، وسيؤدي ذلك إلى خفض الطلب على الفحم في السنوات القادمة، وستكون السياسات الحكومية أساسية لضمان مسار آمن ومستدام للمضي قدماً".
وتتوقع الوكالة في تقريرها أن الطلب العالمي على الفحم سوف "يستقر" في غضون ثلاث سنوات، لكن هذا الاستقرار يعتمد إلى حد كبير على الصين لأنها تمثل أكثر من نصف استهلاك الفحم العالمي، فقد ارتفع الطلب على الفحم في الصين خلال الصيف مع موجات الحرارة في البلاد التي زادت الحاجة إلى تكييف الهواء وبالتالي الكهرباء، لكن عمليات الإغلاق الطويلة المرتبطة بجائحة كوفيد-19 قد خفضت الطلب من ناحية أخرى. ومثل العديد من البلدان، تتجه الصين لزيادة اعتمادها على الطاقة المتجددة، ما قد يقلل الطلب على الفحم على المدى الطويل. وتتوقّع الوكالة في التقرير أيضاً أن الطاقة المتجددة ستلبّي ما يقرب من 90% من الطلب على الكهرباء على مستوى العالم بحلول عام 2025.
وورد في التقرير أنّ "ارتفاع أسعار الفحم والزيادة الملحوظة في شيوع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، إضافة إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي، هي من العوامل التي تؤدي إلى كبح الزيادة في الطلب الإجمالي على الفحم هذا العام".