شهدت شركة أرامكو السعودية، والتي تعد ثالث أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة، انخفاضاً في أرباحها بنسبة 38% في الربع الثاني من العام الحالي في ظل تراجع أسعار الطاقة.
أثّرت تكاليف الطاقة المتصاعدة سلباً على ميزانيات الأسر بصورة كبيرة خلال العام الماضي، لكنها حقّقت مكاسب ضخمة لمنتجي النفط والغاز، بما في ذلك شركة أرامكو التي حصدت أرباح وصلت إلى 161 مليار دولار في عام 2022، وهي أعلى أرباح سجلتها شركة طاقة على الإطلاق.
تجاوزت قيمة شركة أرامكو 2.1 تريليون دولار يوم الاثنين، وتُعد شركَتا آبل ومايكروسوفت الشركتين العامتين الوحيدتين الأعلى قيمة منها، وقد صرّحت يوم الاثنين أن صافي أرباحها قد انخفض إلى 113 مليار ريال (نحو 30 مليار دولار) للأشهر الثلاثة من السنة المالية حتى يونيو/حزيران، وهذا يشكّل انخفاضاً يقارب 40% عن العام السابق.
وأوضحت شركة أرامكو أن انخفاض أسعار النفط الخام وضعف هوامش الربح في عمليات التكرير وأعمال الكيماويات هي الأسباب الرئيسية للتراجع، وقد احتلت الشركة مؤخراً المرتبة الثانية على قائمة فورتشن غلوبال 500 (Fortune Global 500).
لكن على الرغم من تقلّص الأرباح، قالت شركة أرامكو إنها ستدفع أرباحاً نقدية بقيمة 19.5 مليار دولار للمساهمين عن الربع الثاني ومن المقرر أن تُسلّم هذه المدفوعات في الربع الثالث من هذا العام، كما أن توزيعات الربع الثاني الحالي أعلى من توزيعات الأرباح للربع الثاني من عام 2022 والبالغة 18.8 مليار دولار.
وأضافت الشركة إن المساهمين سيتلقّون أيضاً توزيعات أرباح بقيمة 19.5 مليار دولار للربع الأول من العام الحالي، ما يعني أن المستثمرين في الشركة سيحصلون على تعويضات بقيمة 39 مليار دولار للنصف الأول من عام 2023، وهو ما يعد أيضاً ارتفاعاً من تعويضات النصف الأول من العام الحالي التي بلغت 37.5 مليار دولار.
كما قالت شركة أرامكو إنها ستبدأ في دفع توزيعات الأرباح على أساس الأداء اعتباراً من الربع الثالث فصاعداً، وسوف يستمر ذلك ستة أرباع متتالية ويبدأ بدفع 9.87 مليارات دولار. ووصفت الشركة توزيعات الأرباح الخاصة بها بأنها "مستدامة ومتنامية".
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين ناصر، يوم الاثنين: "تعكس نتائجنا الممتازة مرونتنا وقدرتنا على التكيف مع كافة دورات السوق. ونواصل إبراز قدرتنا الطويلة الأمد على تلبية احتياجات العملاء في جميع أنحاء العالم بمستويات عالية من الموثوقية، ونعتزم البدء في توزيع أول عائد مرتبط بالأداء لمساهمينا في الربع الثالث من العام الحالي".
وتعد السعودية أكبر مساهم في شركة أرامكو، إذ تمتلك الحكومة بصورة مباشرة أكثر من 90% من الشركة وفقاً لوكالة رويترز (Reuters)، بينما يمتلك صندوق الاستثمارات العامة السيادي والشركة التابعة له سنابل للاستثمار (Sanabil) 8% أخرى من أسهم الشركة.
مرحلة مضطربة
شركة أرامكو ليست عملاق الطاقة الوحيد الذي رفع توزيعات الأرباح على الرغم من تراجع أرباحه، إذ انضم العملاق السعودي الذي يعد أكبر مصدّر للنفط في العالم إلى شركتي شل (Shell) وبي بي (BP) في هذا الاتجاه.
واجه جزء كبير من العالم، ولا سيما أوروبا، أزمة طاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وقد أدّى نبذ موسكو إلى اضطراب أسواق الطاقة التي كانت تعاني بالأصل من نقص المعروض، وذلك نظراً لمكانة روسيا بصفتها منتجاً رئيسياً للطاقة ونتيجةً للعقوبات الاقتصادية التي تضمّنت حظراً على واردات النفط الروسي.
وسجّلت شركات النفط العملاقة في أعقاب أزمة الطاقة أرباحاً تاريخية، لكن هذه النتائج القياسية شهدت تراجعاً في الآونة الأخيرة بسبب التكاليف المنخفضة للطاقة.
فقد انخفضت أسعار خام برنت بشكل طفيف يوم الاثنين، وتم تداوله عند مستوى يقل قليلاً عن 85 دولاراً للبرميل بحلول صباح ذلك اليوم بتوقيت شرق الولايات المتحدة.
ويعد خام برنت معياراً للكثير من النفط المتداول حول العالم، وقد حقق انتعاشاً في الأسابيع الأخيرة بعد انخفاضه إلى ما دون 72 دولاراً للبرميل، وكانت أسعاره في كافة الأحوال أقل بشكل ملحوظ من المستويات القياسية التي حقّقها في منتصف 2022 عند 100 دولار للبرميل.
قالت كبيرة الخبراء الاستراتيجيين العالميين في شركة إل بي إل فايننشال (LPL Financial)، كوينسي كروسبي، لفورتشن (Fortune) يوم الاثنين إن شركة أرامكو لم تخطئ في توقعاتها لمرونة سوق النفط في المستقبل.
وأضافت: "من المتوقع أن توفر الأوضاع الاقتصادية العالمية، واستمرار البنوك المركزية في حملاتها لرفع أسعار الفائدة، إلى جانب انحسار قوة الدولار، دعامة أكثر مرونة بشكل ملحوظ لأسعار النفط".
وأعقبت قائلة: "مع تقلص الإمدادات، بدأت أسعار النفط في الصعود باستمرار وبمعدلات ثابتة نسبياً مع توقعات بتحقيقها أسعاراً أعلى في نهاية العام نتيجة استمرار الظروف المواتية وتعافي الاقتصاد العالمي. وأشارت المملكة العربية السعودية، والتي تعد الرئيس الفعلي لمنظمة أوبك+، إلى أنها ستواصل تعديل الإنتاج لتحقيق "استقرار" الأسعار، لكن من الواضح أنها تريد دفع الأسعار نحو 90 دولاراً للبرميل".