انضم أجاي بانجا إلى نادي الرؤساء التنفيذيين سيئي السمعة بعد أن أصبح الرئيس التنفيذي لشركة ماستركارد (Mastercard) في عام 2010. إذ كانت الولايات المتحدة ما تزال تعاني من الأزمة المالية، وكان الرؤساء التنفيذيون للشركات المالية هم العدو العام الرئيسي في نظر ملايين الأميركيين الذين فقدوا وظائفهم أو منازلهم أو كليهما عندما انهارت فقاعة الإسكان.
وانتشرت دعوات واسعة النطاق لسجن المصرفيين إثر دورهم في تدمير الاقتصاد، خاصة بعد أن أنفقت حكومة الولايات المتحدة مليارات الدولارات لإنقاذ المؤسسات المالية التي أجرت مراهنات متهوّرة على الرهون العقارية المحفوفة بالمخاطر.
ومن هذه الشركات شركة سيتي غروب (Citigroup) التي كانت مكان عمل بانجا السابق، والتي احتاجت 45 مليار دولار للنجاة من الأزمة. ووجّه المشرّعون من كلا الحزبين انتقادات حادّة للعديد من هؤلاء المصرفيين والرؤساء التنفيذيين في جلسات الاستماع العامة، ومنهم الرئيس التنفيذي لشركة سيتي. وفي العام التالي (2011)، شهدت وول ستريت احتجاجات من متظاهرين غاضبين بسبب غياب العواقب الفعلية للرؤساء التنفيذيين للشركات المالية.
ولم تكن الشركتان المتنافستان ماستركارد وفيزا (Visa) من الأعداء الرئيسيين في تلك الفترة، حيث انبثقت شركات المدفوعات عن البنوك الكبرى، ولم تقدم قروضاً للمستهلكين كما أنها لم تبع الأوراق المالية للمستثمرين، لكنهم مع ذلك كانوا في مرمى انتقادات السياسيين خلال حقبة الغضب من وول ستريت.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2010، وبعد بضعة أشهر من تولي بانجا منصبه الجديد في شركة ماستركارد رسمياً، رفعت وزارة العدل التابعة لإدارة الرئيس الأميركي أوباما دعوى قضائية ضد الشركتين بسبب انتهاكات مكافحة الاحتكار إثر الرسوم التي فرضتاها على التجار، وانتهت الدعوى باتفاق بين الأطراف، ولكن لم تعترف الشركتان بارتكاب أي مخالفات.
وبالانتقال سريعاً لبعد 13 عاماً، يبدو أن تاريخ بانجا المالي لاقى ترحيباً من نائب الرئيس السابق في عهد أوباما، جو بايدن. إذ قال الرئيس بايدن يوم الخميس إنه سيرشّح الرئيس التنفيذي السابق لشركة ماستركارد لإدارة البنك الدولي، ونسب إليه الفضل في "الخبرة الحاسمة في حشد الموارد العامة والخاصة لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً في عصرنا".
ومن المؤكد أن مرشَّح بايدن لم ينخرط شخصياً في التجاوزات المذكورة كما لم يكن له دور فيها. وقد تنحّى بانجا، الذي قد يكون أول شخص هندي الأصل يدير البنك الدولي، عن منصبه بصفة الرئيس التنفيذي لشركة ماستركارد في أواخر عام 2020 بعد تلقّيه تقييمات ممتازة لتركيزه على الشمول المالي، وعمله على زيادة الوصول إلى الخدمات المالية في الدول النامية.
كما كانت النتائج مماثلة بالنسبة لمساهمي شركة ماستركارد، إذ عزّز الإيرادات وضاعف الأرباح أربع مرات على مدار فترة تولّيه منصب الرئيس التنفيذي. وفي عمله الحالي بصفة نائب رئيس مجلس إدارة شركة جنرال أتلانتيك (General Atlantic) العملاقة للأسهم الخاصة، يجني بانجا ثمار علاقاته مع المجموعات الديمقراطية العليا، إذ كان جزءاً من مجلس الأمن السيبراني في إدارة أوباما ويقدّم المشورة لنائبة الرئيس كامالا هاريس بشأن الهجرة.
ومع ذلك، فإن تطوّر بانجا من هدف لمكافحة الاحتكار في عهد أوباما إلى مرشح سياسي لبايدن يعد تغيّراً لافتاً لرئيس تنفيذي مالي من عصر الأزمة المالية، لا سيما بالنسبة لشخص يعمل حالياً في مجال الأسهم الخاصة الذي لا يحظى بشعبية سياسية.
وعلاوة على ذلك، من الواضح أن إدارة بايدن تأمل في أن يحسّن بانجا العلاقات العامة للبنك الدولي. وذلك بعد أن تسبّب الرئيس الحالي، ديفيد مالباس، بفوضى دولية في العام الماضي عندما بدا وكأنه يشكك في حقيقة التغيّر المناخي. وقد أعلن مالباس في الأسبوع الماضي أنه سوف يستقيل في يونيو/حزيران، أي قبل عام تقريباً من انتهاء فترة خدمته البالغة خمس سنوات.
وإذا نجح بانجا في الوصول إلى رئاسة البنك الدولي، فمن المحتمل أن يكون أول رئيس تنفيذي مالي من عصر الأزمة المالية يتولى مثل هذا المنصب الرفيع المستوى. فقد عيّنت كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية مصرفيين كباراً من عصر الأزمة في مناصب رفيعة المستوى، لكن لم يصل أي منهم سابقاً إلى منصب الرئيس التنفيذي لشركة أسهمها مطروحة للتداول العام. والشخص الوحيد الذي اقترب من هذه الحالة هو الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس (JPMorgan Chase)، جيمي ديمون، الذي رفض منصب وزير الخزانة في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وبالطبع، لن يسعد أحد باختفاء عار قطاع التمويل من تاريخ المسؤولين التنفيذيين، لا سيما عندما يتعلق الأمر بقيادة كيان عام يهدف إلى التنمية الدولية ومحاربة الفقر. وقال المدير التنفيذي لمشروع ريفولفينغ دور (Revolving Door Project) التقدميّ، جيف هاوزر، في بيان دعا فيه بايدن إلى التراجع عن ترشيح بانجا: "ما فعله الرئيس جو بايدن ووزيرة الخزانة جانيت يلين فعلياً هو ترشيح نائب رئيس شركة دولية جشعة متخصصة في الأسهم الخاصة، وهي شركة جنرال أتلانتيك، لتولّي أول وظيفة له في الخدمة العامة على الإطلاق في أعلى منصب ممكن تقريباً في العالم".
وأضاف هاوزر في بريد إلكتروني أرسله إلى فورتشن (Fortune) إن تاريخ بانجا المالي ربما كان ذا أهمية أكبر لو كان منصب رئيس البنك الدولي يتمتع بشهرة عامة أعلى في الولايات المتحدة. وكتب: "أعتقد أن ضعف الشهرة العامة للمنصب يعكس تصوّراً بأن الأميركيين غير مهتمين كثيراً بالشؤون الدولية، وآمل أن يكون هذا التصوّر خاطئاً، لكنني لا أعتقد أنهم سيعينون مصرفياً في منصب رفيع في الحكومة الأميركية عموماً".
ولم تستجب شركة جنرال أتلانتيك على الفور لطلب فورتشن للتعليق. ولكن بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين الآخرين، فإن تعيين بانجا في البنك الدولي هو خطوة مفائلة قليلاً في قطاع الخدمة العامة، خاصةً للرؤساء التنفيذيين للشركات التكنولوجية الذين يواجهون حالياً دعاوى قضائية من مكافحة الاحتكار، أو المليارديرات المؤسسين الذين حلّوا محل المصرفيين وأصبحوا أشرار الوقت الراهن.
إذ إن القطاعات المختلفة لها طرقها الخاصة لتكون عند حسن ظن العامة أو لتخيّب ظنّهم، وبصرف النظر عن تجاوزات إيلون ماسك وسام بانكمان فرايد، فإن الرؤساء التنفيذيين للشركات المالية قد كانوا واعين ومسؤولين في العام الماضي. وقد تتغيّر نظرة العامة والسياسيين ومشاعرهم تجاه الجيل الحالي من الرؤساء التنفيذيين للشركات التكنولوجية في غضون 10 أو 15 عاماً آخر، أو على الأقل تتضاءل بالمقارنة مع القضايا الجديدة في المستقبل.